للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوجِبُون الشُّفْعَةَ في الثمرة إذا بِيعَتْ مع الأصلِ واشترَطها مشتريها. وهو قولُ جمهور الفقهاء؛ لأنَّها تَبَعٌ للأصل، فكأنَّها شيءٌ منه إذا بِيعَتْ معه. وقد أبطَل ابنُ القاسم الشُّفْعَةَ في الأرض دونَ الرَّحَى (١)، وخالَفه أشهبُ، وابنُ وَهْبٍ، فأوجَبا الشُّفْعَةَ في الرَّحى مع الأرض، ومعلومٌ أنَّ الرَّحى معَ أرضِها أثبتُ وأشبهُ بالأصول التي ورَدتِ الشُّفْعَةُ في مثلِها من الثمرةِ المبيعةِ دونَ أصلِها، ومن الثمرةِ المبيعةِ معَ الأصل التي لا تدخُلُ في الصَّفْقَةِ إلّا باشتراطٍ، كسائرِ العروض المُبايِنة. وبقولِ أشهبَ وابنِ وَهْبٍ يقولُ سُحنونٌ في الشُّفْعَةِ في الرَّحَى (٢). واختلَف قولُ مالكٍ وأصحابِه في الشُّفْعَةِ في الحَمّام فأوجَبها بعضُهم، ونفاها بعضُهم (٣). وكذلك اختلَف أصحابُ مالكٍ أيضًا في الشُّفْعَةِ في الكِرَاء (٤)، وفي المُساقاةِ، واختَلفَ في ذلك قولُ مالكٍ أيضًا، وحديثُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - المذكورُ في هذا الباب ينفي الشُّفْعَةَ في كلِّ ما لا يقعُ فيه الحدودُ من المُشاع، والقولُ به نجاةٌ لمن اتَّبَعَه، وبالله التوفيقُ والرشادُ.

وقال محمدُ بنُ عبدِ الحكم: لا شُفْعَةَ إلّا في الأرَضينَ والنخلِ والشجرِ، ولا شُفْعَةَ في ثمرةٍ، ولا كتابةِ مُكاتَبٍ، ولا في دَينٍ، وإنَّما الشُّفْعَةُ في الأصولِ والأرَضينَ خاصةً. وهو قولُ الشافعيِّ، وجمهورِ العلماء (٥)، وقد قال مالكٌ: لا شُفْعَةَ في عينٍ إلّا أن يكونَ لها بياضٌ، ولا في بئرٍ، ولا في عَرَصةِ دارٍ، ولا فَحْلِ نخلٍ (٦). وقال محمدُ بنُ عبد الحكم: الشُّفْعَةُ في ذلك؛ لأنَّه من الأصول.


(١) المدونة ٤/ ٢٤٠.
(٢) الكافي في فقه أهل المدينة ٢/ ٨٥٤.
(٣) المدونة ٤/ ٢٤٠، والمنتقى شرح الموطأ للباجي ٦/ ٢٠٠.
(٤) المنتقى شرح الموطأ للباجي ٦/ ٢٠٣.
(٥) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٤١٩، وبداية المجتهد لابن رشد ٤/ ٤١.
(٦) انظر: موطأ يحيى ٢/ ٢٥٦ (٢٠٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>