للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّابعينَ (١). وفي هذه المسألةِ أيضًا قولان آخَران يَرُدُّهما هذا الحديثُ؛ أحدُهما، أنَّ المسافرَ إذا أدْرَكَ ركعتَيْن من صلاةِ المُقيم، استَجْزَأ بهما، وسلَّمَ بسَلامه. رُوِيَ هذا عن طاوسٍ والشعبيِّ (٢). والآخَرُ، أنَّ للمسافرِ أنْ ينويَ خلفَ المُقيم صلاةَ مسافرٍ، فإذا تشَهَّدَ في الجِلْسَةِ الوُسْطى، سلَّمَ وخرَجَ، وإنْ أدرَكَ المُقيمَ جالسًا، صلَّى صلاةَ مسافرٍ. هذا قولُ إسحاقَ بنِ راهُوْيَة (٣). وهذان قولانِ ضعيفانِ شاذَّانِ، والناسُ على القولَيْن الأوَّلين.

ومن هذا الباب أيضًا: المأمومُ لا يُدْرِكُ رَكعَةً مع الإمام، أو يُدْرِكُها وقد سَهَا الإمامُ قبلَ أنْ يدخُلَ معه هذا الدّاخِلُ؛ هل عليه سُجُودُ السَّهوِ أم لا؟ فقال مالكٌ: إذا أدرَكَ معه رَكْعةً لَزِمَه أنْ يَسجُدُ معه لسَهْوه، وإنْ لم يُدركْ معه رَكْعةً لم يَلْزَمْه ذلك، ومذهَبُ مالكٍ في ذلك أنَّ سَجْدَتَي السَّهوِ إنْ كانتا قبلَ السَّلام سجَدَهما معه، وإنْ كانتا بعدَ السَّلام لم يَسْجُدْهما معه، وسجَدَهما إذا قَضَى باقي صَلاتِه. وهو قولُ الأوزاعيِّ، واللَّيث. وقال الشافعيُّ، والكوفيُّون، وسائرُ الفقهاء: مَن دخَلَ مع الإمام في بعضِ سَهْوِه، لَزِمَه، ويَسْجُدُ معه. وعن الشافعيِّ أنَّه يسجُدُهما بعدَ القَضاء أيضًا (٤).

قال أبو عُمر: مَن راعى الرَّكعةَ وإدْراكَها في هذه المسائل، شَهِدَ له ظاهِرُ قولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أدرَكَ رَكعةً من الصلاةِ فقد أدرَكَ الصلاة"؛ لأنَّ مَن


(١) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٤٣٨١ - ٤٣٨٧)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (٣٨٦٩ - ٣٨٧٩)، والأوسط لابن المنذر ٤/ ٣٩٠ - ٣٩١، والمغني لابن قدامة ٢/ ٢٠٩.
(٢) انظر: الأوسط لابن المنذر ٤/ ٣٩١، والمحلى لابن حزم ٣/ ٢٣٠ - ٢٣١.
(٣) انظر: مسائل إسحاق بن منصور الكوسج للإمامين أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية ٢/ ٤٨٢.
(٤) انظر: المدونة ١/ ٢٢٣، والأوسط لابن المنذر ٣/ ٥١٧ - ٥١٨، والمحلى لابن حزم ٣/ ٨٠ - ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>