للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدرَك الصلاةَ من أوَّلِها لَزِمه حكمُها في كلِّ شيءٍ منها، فقد جعَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مُدرِكَ رَكعةٍ منها كمُدركِها (١)، فذلك عندي على العموم، واللهُ أعلم.

ومن هذا الباب عندَ مالكٍ وأصحابِه: الرجلُ يُدرِكُ ركعةً من صلاةِ الجماعة، فلا يُعيدُ تلك الصلاةَ في جماعةٍ إذا أدرَكَ منها ركعةً تامةً، وإنْ لم يُدركْ إلّا السجودَ أو الجُلُوسَ، فله أنْ يُعيدَ في جماعة (٢).

ومن هذا الباب أيضًا: الحُكمُ فيمَنْ أدرَكَ ركعةً من الصلاة؛ هل هي أوَّلُ صلاتِه أو آخِرُها؟ فاختلفَ العلماءُ في ذلك؛ فرُوِيَ عن مالكٍ أنَّ ما أدْرَكَ هو أوَّلُ صلاتِه، إلا أنَّه يَقضي ما فاتَه بـ"الحمد" وسورةٍ. ولم يختَلِفْ قولُ مالكٍ وأصحابِه أنَّ المأمومَ يَقضي ما فاتَه على حَسَبِ ما قَرأ إمامُه. وقال ابنُ القاسم: وما أدرَكَ فهو أوَّلُ صَلاتِه، ورواه عن مالكٍ. وقولُ الشافعيِّ في هذه المسألة كروايةِ ابنِ القاسم سواءً: ما أدرَكَ هو أوَّلُ صَلاتِه، وَيقْضي بـ"الحمد لله" وسورة. وهو قولُ الأوزاعيِّ، ومحمدِ بنِ الحسن. وبه قال أحمدُ بنُ حنبلٍ، والطبريُّ، وجماعةٌ (٣).

وروَى ابنُ عبدِ الحكم عن مالكٍ أنَّ ما أدرَكَ فهو آخِرُ صلاتِه. وبه قال أشهَبُ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، والثوريِّ، وأبي يوسُفَ، والحسن بن حيٍّ (٤). وكلُّ هؤلاء القائلينَ بالقولَيْن جميعًا يقولون: يَقضي ما فاتَه بـ"الحمد" وسُورَةٍ على حسَبِ ما قرَأ إمامُه.


(١) انظر: بداية المجتهد ١/ ١٩٩.
(٢) انظر: الرسالة لابن أبي زيد القيرواني ص ٣٥ - ٣٦.
(٣) انظر: المدونة ١/ ١٨٧ - ١٨٨، والمبسوط لمحمد بن الحسن ١/ ٢٤٧ - ٢٤٨، ومختصر خلافيات البيهقي لابن فَرْح الإشبيلي ٢/ ١٦٦ - ١٦٧، والأوسط لابن المنذر ٤/ ٢٧٢ - ٢٧٣.
(٤) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٩٣، ومختصر خلافيات البيهقي ٢/ ١٦٦ - ١٦٩، والمغني لابن قدامة ٢/ ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>