للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُكبِّرُ في الصلاةِ كلَّما خفَض ورفَع، فلم تَزَلْ تلك صلاتَه حتى لَقِيَ اللهَ. وحديثَ ابنِ عمرَ (١) وجابرٍ (٢)، أنَّهما كانا يُكبِّران كلَّما خفَضَا ورفَعَا في الصلاة، وكان جابرٌ يُعلِّمُهم ذلك. فذكَر مالكٌ الأحاديثَ كلَّها ليبيِّنَ لك أنَّ التكبيرَ من سُننِ الصلاة.

وقال ابنُ القاسم فيمن نَسِيَ ثلاثَ تكبيراتٍ فصاعدًا من صلاتِه وحدَه: إنَّه يَسجُدُ قبلَ السلام، فإنْ لم يفعلْ أعادَ الصلاةَ، وإنْ نسِي واحدةً أو اثنتين، سجَد أيضًا قبلَ السلام، فإنْ لم يفعلْ فلا شيءَ عليه (٣).

وقد رُوِيَ عنه أن التكبيرةَ الواحدةَ ليس على مَن نَسِيَها سُجودُ سهوٍ ولا شيءٌ. وخالفَه أصبغُ وعبدُ الله بنُ عبدِ الحكم في رأيِه، فقالا: لا إعادةَ على مَن نَسِيَ التكبيرَ كلَّه في صلاةٍ إذا كان قد كبَّر لإحرامِه، وإنَّما عليه سجدتا السهو، وإنْ لم يسجُدْهما فلا حرجَ. وعلى هذا القولِ فُقهاءُ الأمصارِ وأئمّةُ الفتوى (٤)، وهو الذي ذهَب إليه أبو بكرٍ الأبْهَريُّ، قال الأبْهَريُّ رحمه الله: على مذهبِ مالكٍ الفرائضُ في الصلاةِ خمسَ عشْرةَ فريضةً؛ أولُها النِّيّةُ، ثم الطهارةُ، وسترُ العورة، والقيامُ إلى الصلاة، ومعرفةُ دُخولِ الوقت، والتَّوجُّهُ إلى القبلة، وتكبيرةُ الإحرام، وقراءةُ "أُمِّ القرآن"، والرُّكوعُ، ورفعُ الرأسِ منه، والسجودُ، ورفعُ الرأسِ منه، والقعودُ الآخِرُ، والسلامُ، وقطعُ الكلام (٥).


(١) الموطأ ١/ ١٢٦ (٢٠٠).
(٢) الموطأ ١/ ١٢٦ (٢٠٢).
(٣) انظر: المدونة ١/ ٢٢١.
(٤) انظر: شرح البخاري لابن بطال ٢/ ٤٠٤ - ٤٠٥، والمجموع شرح المهذب للنووي ٣/ ٣٩٧.
(٥) انظر: القوانين الفقهية لابن جُزَيّ ص ٣٨، وقسّم هذه الفرائض إلى شروط وأركان، وعدَّد الشروطَ عشرةً وكذلك الأركان، وعدّ تكبيرة الإحرام أول أركانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>