للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالكٌ: الأمرُ عندنا أنَّ العُمرى ترجِعُ إلى الذي أعمَرَها إذا لم يقلْ: لك ولعَقِبِكَ (١). إذا ماتَ المعمَرُ، وكذلك إذا قال: هي لك ولعَقِبِكَ، ترجِعُ إلى صاحبِها أيضًا بعد انقِراضِ عَقِبِ المُعمَرِ؛ لأنَّه على شرطِه في عَقِبِ المعمَرِ، كما هو على شرطِه في المعمَرِ. ورقَبتُها عندَ مالكٍ وأصحابِه على مالكِ صاحِبِها أبدًا، تَرجِعُ إليه إن كان حيًّا، أو إلى ورَثَتِه بعدَه، وضَمانُها منهم (٢).

ولا يَمْلِكُ المُعْمَرُ (٣) بلفظِ العُمْرَى والإعمارِ عندَ مالكٍ رقبةَ شيءٍ من العَطَايا، وإنَّما هي عندَه كلفظِ السُّكْنَى والإسْكانِ سواءً، لا يملِكُ بذلك إلَّا المنافعَ دونَ الرِّقابِ (٤)، وهي ألفاظٌ عندَهم لا تُملَكُ بها الرِّقابُ، وإنَّما تُمْلَكُ بها المنافِعُ؛ منها: العُمْرَى، والسُّكْنَى، والعَارِيَّةُ، والإطْراقُ (٥)، والمنْحَةُ (٦)، والإخبالُ (٧)، والإفْقَارُ (٨)، وما كان مثلَها. قال أبو إسحاقَ الحَرْبيُّ: سِحتُ ابنَ الأعرابيِّ يقولُ: لم تَختَلِفِ العربُ في أنَّ هذه الأسماءَ على مِلْكِ أربَابِها،


(١) الموطأ ٢/ ٣٠٣ (٢٢٠٢)، والبيان والتحصيل لابن رشد الجدّ ١٢/ ٢٠٦ - ٢٠٧.
(٢) انظر: المدونة ٤/ ٣٩٣.
(٣) كلمة "المعمر" سقطت من م.
(٤) انظر: المدونة ٤/ ٣٩٢، والمنتقى لأبي الوليد الباجي ٦/ ١٢٠.
(٥) الإطراق: إعارة الفحل للضِّراب في الإناث. انظر: لسان العرب مادة (طرق).
(٦) المنحة: أن يمنح الرجلُ أخاه ناقة أو شاة فيحتلبها عامًا أو أقل أو أكثر ثم يردّها. انظر: غريب الحديث لأبي عبيد ١/ ٢٩٣.
(٧) الإخبال: أن يعطي الرجلُ الرجلَ البعير أو الناقة ليركبها، فيجتزُّ وبَرَها وينتفع بها ثم يردّها.
انظر: غريب الحديث لأبي عبيد أيضًا ١/ ٢٩٤.
(٨) الإفقار: أن يعطي الرجل دابته لرجل فيركبها ما أحبَّ في سفر أو حضر، ثم يردّها عليه، ولا يكون إلا في ركوب الظهر. انظر: غريب الحديث لأبي عبيد ١/ ٢٩٣ و ٤/ ٣٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>