للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَنافِعُها لمن جُعِلَت له العُمْرَى، والرُّقْبَى (١)، والإفْقَارُ، والإخبالُ، والعَرِيَّةُ (٢)، والسُّكْنَى، والإطْراقُ (٣).

ومِمَّا احتجَّ به أصحابُ مالكٍ فيما ذهَبوا إليه من رَدِّ حديثِ جابرٍ هذا أن قالوا: هو حديثٌ منسوخٌ، ولم يَصْحَبْه العملُ. وقال بعضُهم: لعَلَّ حامِلَه وهَمَ. ومثلُ هذا من القولِ لا تُعْتَرضُ به الأحاديثُ الثابتةُ عندَ أحدٍ من العلماء، إلَّا بأن يتبيَّنَ النَّسخُ بما لا مَدفَعَ فيه.

وممَّا احتَجُّوا به أيضًا ما رَواه ابنُ القاسم وغيرُه، عن مالكٍ، قال: رأيتُ محمدًا وعبد الله ابني أبي بكرٍ بنِ محمدِ بنِ عمرِو بنِ حزم، فسمِعتُ عبد الله يُعاتِبُ محمدًا - ومحمدٌ يومئذٍ قاضٍ - ويقولُ له: ما لكَ لا تَقضِي بالحديثِ الذي جاء عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في العُمْرَى؛ حديثِ ابنِ شهابٍ، عن أبي سلمةَ بنِ عبدِ الرحمن، عن جابرٍ؟ فيقولُ له محمدٌ: يا أخي، لم أجِدِ الناسَ على هذا، وأباه الناسُ. فجعل عبدُ الله يُكَلِّمُه ومحمدٌ يَأبَاه. قال مالكٌ: ليس عليه العملُ، ولوَدِدْتُ أنَّه مُحِيَ.

ومن أحسنِ ما احتجُّوا به أن قالوا: مِلْكُ المُعْمِرِ المُعْطَى ثابتٌ بإجماع قبلَ أن يُحْدِثَ العُمْرَى، فلمَّا أحدَثَها اختلَف العلماءُ؛ فقال بعضُهم: قد أزال


(١) الرُّقبى: أن يقول الرجل للرجل: إن متَّ قبلي رجَعت إليّ، وإن متُّ قبلك فهي لك. وأصل العُمرى إنما هو مأخوذ من العمر، وأصل الرُّقبى من المراقبة، فكأن كل واحد منهما إنما يرقُب موت صاحبه. انظر: غريب أبي عبيد ٢/ ٧٧.
(٢) العَريّة: أن يُعري الرجلُ الرجلَ تمر نخلةٍ من نخيله، فيكون له التمر عامَهُ ذلك. انظر: غريب أبي عبيد ١/ ٢٩٣.
(٣) انظر: شرح البخاري لابن بطال ٧/ ١٤٣، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم لأبي العباس القرطبي ٤/ ٥٩٢، والذخيرة للقرافي ٦/ ٢١٦ - ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>