للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا قولُه في الآية الأخرى: {وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤]، فالإجماعُ والاتِّفاقُ قد بيَّن المرادَ بأنه معبودٌ من أهلِ الأرض (١)، فتدبَّرْ هذا، فإنَّه قاطعٌ إنْ شاء الله.

ومن الحُجَّةِ أيضًا - في أنَّه عزَّ وجلَّ على العرش فوقَ السمواتِ السَّبع -: أنَّ الموحِّدِين أجمَعين، من العربِ والعجم، إذا كرَبهم أمرٌ، أو نزَلت بهم شِدَّةٌ، رفَعوا وُجوهَهم إلى السماءِ يَسْتَغيثون رَبَّهم تبارك وتعالى. وهذا أشهرُ وأعرَفُ عندَ الخاصَّة والعامَّة من أن يُحتاجَ فيه إلى أكثرَ من حكايَتِه؛ لأنَّه اضطرارٌ لم يؤنِّبْهم عليه أحدٌ، ولا أنكَرَه عليهم مسلمٌ (٢)، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - للأمَة التي أرادَ مولاها عِتْقَها إن كانت مؤمِنَةً، فاختبرَها رسولُ الله - صلي الله عليه وسلم - بأنْ قال لها: "أينَ اللهُ؟ "، فأشارَت إلى السماء، ثم قال لها: "مَن أنا؟ "، قالت: رسولُ الله، قال: "أعتِقْها، فإنَّها مُؤمِنَةٌ". فاكتَفَى رسولُ الله - صلي الله عليه وسلم - منها برفعِها رأسَها إلى السماء، واستَغْنَى بذلك عمّا سِواه.

أخبَرنا عبيدُ بنُ محمدٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسرورٍ، قال: حدَّثنا عيسى بنُ مسكينٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ سَنْجَرَ، قال: حدَّثنا أبو المغيرةِ، قال: حدَّثنا الأوزاعيُّ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ أبي كثيرٍ، عن هلالِ بنِ أبي ميمونةَ، عن عطاءِ بنِ يسارٍ، عن معاويةَ بنِ الحكم، قال: اطَّلَعْتُ غُنيمةً لي ترعاها جاريةٌ لي في ناحيةِ أُحُدٍ، فوجَدْتُ الذِّئْبَ قد أصابَ شاةً منها، وأنا رجلٌ من بني آدمَ، آسَفُ كما يأسَفون، فصَكَكتُها صَكَّةً، ثم انصرَفتُ إلى النبيِّ - صلي الله عليه وسلم - فأخبَرتُه، فعظَّمَ ذلك (٣) عليَّ. قال: فقلتُ: يا رسولَ الله، فهَلّا أُعْتِقُها؟ قال: "فائْتِني بها".


(١) انظر: أقاويل الثقات لمرعي الكرمي ص ١٠٥.
(٢) انظر: إثبات صفة العلو لابن قدامة ص ١٨٨.
(٣) اسم الإشارة سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>