للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدةٌ، وسواءٌ طاوعتْه أو أكرَهها؛ لأنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّما أجاب السائلَ بكفّارةٍ واحدةٍ، ولم يسألْه: أطاوَعتْه امرأتُه أو أكرَهها؟ ولو كان الحكمُ في ذلك مختلِفًا لمَا ترَك رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تبيينَ ذلك (١). وهو قولُ داودَ وأهل الظّاهر (٢). وقد أجمَعوا أنَّ كفّارةَ المظاهر واحدةٌ وإن وطِئ. وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: إن طاوعتْه فعلى كلِّ واحدٍ منهما كفّارةٌ، وإن أكرَهها فعليه كفّارةٌ واحدةٌ لا غيرُ، ولا شيءَ عليها (٣).

ومن حُجَّة مَن رأى الكفّارةَ لازمةً عليها إن طاوَعتْه، القياسُ على قضاءِ ذلك اليوم، فلمّا وجَب عليها قضاءُ ذلك اليوم، وجَب عليها الكفّارةُ عنه.

واختلَفوا فيمن جامَعَ ناسيًا لصومِه؛ فقال الشافعيُّ، والثوريُّ في رواية الأشجعيِّ، وأبو حنيفةَ وأصحابه، والحسنُ بنُ حيٍّ، وأبو ثورٍ، وإسحاقُ بنُ راهُويَة: ليس عليه شيءٌ؛ لا قضاءٌ ولا كفّارةٌ، بمنزلةِ مَن أكل ناسيًا عندَهم (٤). وهو قولُ الحسن، وعطاءٍ ومجاهدٍ، وإبراهيمَ (٥). وقال مالكٌ، واللَّيثُ بنُ سعدٍ، والأوزاعيُّ، والثوريُّ في رواية المعافى: عليه القضاء، ولا كفّارةَ. ورُوِيَ مثلُ ذلك عن عطاءٍ (٦). وقد رُوِيَ عن عطاءٍ أنَّه رأى عليه الكفّارةَ مع القضاءِ، وقال: مثلُ هذا لا يُنسى.


(١) انظر: معالم السنن للخطابي ٢/ ١١٧.
(٢) انظر: المحلى لابن حزم ٤/ ٣٢٣.
(٣) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٢٨ و ٣١.
(٤) انظر: اختلاف العلماء لمحمد بن نصر المروزي ص ٢٠٠، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٢٦.
(٥) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٧٣٧٥) و (٧٣٧٧)، لكن المعروف عن عطاء خلاف هذا، فقد أخرج عنه عبد الرزاق (٧٣٧٦) أن عليه القضاء.
(٦) انظر: معالم السنن للخطابي ٢/ ١٢١، والمغني لابن قدامة ٣/ ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>