للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبراهيمَ، عن أيوبَ، عن نافِع، عن ابنِ عُمَرَ، قال: صامَه رسولُ الله وأمَرَ بصِيامِه، فلمَّا فُرِضَ رمَضانُ تُرِكَ. فكان ابنُ عمرَ لا يصُومُه إلَّا أنْ يَأْتيَ على صَوْمِه. يَعْنِي يومَ عاشُوراء (١).

قال أبو عُمر: وكان طاوسٌ لا يَصُومُه (٢)؛ لأنَّه، واللّهُ أعلمُ، لَمْ يَبْلُغْه ما جاء فيه من الفَضْلِ، وليس فيما خَفِيَ عليه ما عَلِمَه (٣) غيرُه حُجَّةٌ، ومَعْلُومٌ أنَّ قولَه عزَّ وجلَّ: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: ١٠]. لا تَدْفَعُ هذه الإباحَةُ فَضْلَ انتظارِ الصلاةِ في المسجدِ وعَمَلِها، وباللّه التوفيقُ. وعلى هذا يُحْمَلُ حديثُ مُعاويةَ المذكورُ في هذا البابِ؛ أنَّ تَخْيِيرَه إنَّما كان لسُقُوطِ وُجُوبِ صِيَامِه، لا أنَّه لا معنى لصومِه، ولما سقَطَ وُجوبُه صِيمَ على جِهَةِ الفَضْلِ، والآثارُ تَدُلُّ على ذلك، وهذا عندي نحوُ قِيَامِ الليلِ؛ كان في أوَّلِ الإسلام فَريضَةً حَوْلًا كامِلًا، فلمَّا فُرِضَتِ الصلواتُ الخَمْسُ صار قيامُ الليلِ فَضِيلَةً بعدَ فَرِيضَةٍ.

وأخبرنا عبدُ الله بنُ محمدٍ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ بكرٍ، قال: حَدَّثَنَا أبو داودَ (٤). وأخبرنا محمدُ بنُ إبراهيمَ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ معاويةَ، قال: حَدَّثَنَا


(١) وأخرجه البخاري (١٨٩٢) عن مُسدّد، عن إسماعيل بن إبراهيم - وهو المعروف بابن عُلَيَّة - بهذا الإسناد.
(٢) هذا غريب من ابن عبد البر رحمه الله! فقد ثبت عن طاووس أنه كان يصوم قبله يومًا وبعده يومًا مخافة أن يفوته، كما أخرجه ابنُ أبي شيبة (٩٤٧٢) عن زيد بن الحباب، عن إبراهيم بن نافع، عن ابن طاووس، عن أبيه. وقد سقط من مطبوع ابن أبي شيبة بعضُ اسم إبراهيم بن نافع، وبقي منه اسم نافع، وهو خطأ صوبناه من إسناد آخر لابن أبي شيبة (٥٠٨٦) عن زيد بن الحباب في الغسل يوم الجمعة.
(٣) في م: "على ما علمه"، والمثبت من الأصل، وهو الأجود.
(٤) في سننه (٢٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>