للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): وإذا فاضَلَ بينَ وَلَدِه في العَطِيَّةِ، أُمِرَ برَدِّه، كما أمَر النبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن مات ولم يرُدَّه، فقد ثَبَت لمن وُهِب له إذا كان ذلك في صِحَّتِه.

وقال طاوُسٌ: لا يجوزُ لأحَدٍ أن يُفَضِّلَ بعضَ ولَدِه على بعضٍ، فإنْ فعَلَ لم يَنْفُذْ، وفُسِخ. وبه قال أهلُ الظاهرِ؛ منهم داودُ وغيرُه (٢). ورُوِيَ عن أحمدَ بنِ حنبلٍ مثلُه. وحُجَّتُهم في ذلك حديثُ مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، المذكورُ في هذا البابِ؛ قولُه: "فارْجِعْه". حمَلوه على الوُجوبِ، وأبطَلوا عَطِيَّةَ الأبِ لبعضِ ولَدِه دونَ بعضٍ؛ لقولِه - صلى الله عليه وسلم -: "فارْجِعْه". ولقولِه في حديثِ جابرٍ في هذه القِصَّةِ: "هذا لا يَصلُحُ، ولا أشْهَدُ إلَّا على حَقٍّ" (٣). قالوا: وما لم يكنْ حقًّا فهو باطِلٌ، والباطلُ مردودٌ (٤). وقد قال بعضُهم في هذا الحديثِ، عن النعمانِ: "هذا جَوْرٌ، ولا أشهَد على جَوْرٍ". ونحوُ هذا ممَّا احتَجَّ به أهلُ الظاهرِ (٥).

أخبَرنا عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ عبدِ المؤمن، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ جعفرِ بنِ حَمدَانَ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ أحمدَ بن حنبلٍ، قال: حدَّثني أبي، قال (٦): حدَّثنا يَعلَى، قال: حدَّثنا أبو حيانَ، عن الشعبيِّ، عن النعمانِ بنِ بشيرٍ هذا الحديثَ، قال: فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا بَشِيرُ، ألك ابنٌ غيرُ هذا؟ ". قال: نعم. قال: "فوهَبْتَ له مثلَ الذي وهَبتَ لهذا؟ ". قال: لا. قال: "فلا تُشهِدْني إذن، فإنِّي لا أشهَدُ (٧) على جَوْرٍ" (٨).


(١) انظر: المغني شرح مختصر الخرقي لابن قدامة ٦/ ٥١.
(٢) انظر: المحلى لابن حزم ٨/ ٩٥ و ٩٧.
(٣) سيخرجه المصنّف قريبًا.
(٤) قوله: "والباطل مردود" لم يرد في م.
(٥) انظر: المحلى ٨/ ٩٥ - ١٠٠.
(٦) في المسند ٣٠/ ٣١٤ (١٨٣٦٣).
(٧) قوله: "إذن فإني لا أشهد" سقط من م، وهو ثابت في الأصل وفي مسند أحمد الذي ينقل منه المصنّف.
(٨) وأخرجه البخاري (٢٦٥٠) من طريق عبد الله بن المبارك، ومسلم (١٦٢٣) من طريق علي بن مُسهِر، ومن طريق محمد بن بشر، ثلاثتهم عن أبي حيان - وهو يحيى بن سعيد بن حيّان التيمي - به.=

<<  <  ج: ص:  >  >>