للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذكُورُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قولُه: "لا يَحِلُّ لأحدٍ أن يَرجِعَ في هِبَتِه إلَّا الوالدَ" (١). وهو قولُ طاوسٍ، والحسنِ (٢).

وأمَّا أحمدُ بنُ حنبل، فقال: لا يَحِلُّ لواهبٍ أن يَرجِعَ في هِبَتِه، ولا لمُهدٍ أن يَرجِعَ في هَدِيَّته، وإن لم يُثَبْ عليها، واحتَجَّ بقولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "العائدُ في هِبَتِه كالكلبِ يعودُ في قَيْئه". وهو قولُ قتادةَ، قال قتادةُ: لا أعلمُ القَيءَ إلَّا حرامًا (٣). والجَدُّ عندَ أبي ثورٍ في الرُّجوعِ كالأبِ.

وقالت طائفةٌ: يَرجِعُ الوالدانِ والجَدُّ فيما وهَبوا، ولا يَرجِعُ غيرُهم.

وقال إسحاقُ: ما وهَبَ الرجلُ لامرأتِه فليس له أن يَرجِعَ فيه، وما وهَبَته المرأةُ لزَوجِها فلها أن تَرجِعَ فيه. وهو قولُ شرج وغيرِه من التابعين. ويَحتَجُّ مَن ذهَب هذا المذهَبَ بحديثِ مروانَ، عن عمرَ بنِ الخطابِ، قال: إنَّ النساءَ يُعطِينَ رَغبَةً ورَهْبةً (٤).

وأجاز إسحاقُ الهِبَةَ للثوابِ (٥)، على نحوِ قولِ مالكٍ، وأبي حنيفةَ، ومَن تابَعهم.

وأجمَع الفقهاءُ أنَّ عَطِيَّةَ الأبِ لابنِه الصغيرِ في حَجْرِه لا يُحتاجُ فيها إلى قبضٍ، وأنَّ الإشهادَ فيها يُغني عن القبضِ، وأنَّها صحيحَةٌ وإن وَلِيَها أبوه، مخصوصةٌ بذلك ما دام صغيرًا، على حديثِ عثمانَ (٦).


(١) قدمنا تخريجه قريبًا.
(٢) يعني البصري حيث روى عنه ابن حزم في المحلى ٨/ ٧٤ قوله: أول من ردَّ الهبة عثمان بن عفان. وانظر: اختلاف الفقهاء للمروزي (٣٥٨).
(٣) انظر: اختلاف الفقهاء للمروزي (٣٥٨)، والمغني لابن قدامة ٦/ ٦٥.
(٤) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١٦٥٥٧ - ١٦٥٦٧)، ومسائل أحمد وإسحاق للكوسج (٣٠٥١)، والأوسط لابن المنذر ١٢/ ٣٣.
(٥) انظر: مسائل أحمد وإسحاق للكوسج (٣٠٥٠).
(٦) انظر: الأوسط لابن المنذر ١٢/ ٤٢. وسيذكر المصنّف حديث عثمان قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>