للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أنَّهم اختَلَفوا من هذا المعنى في هِبَةِ الوَرِقِ والذهبِ للابنِ الصغيرِ؛ فقال قومٌ: إنَّ الإشهادَ يُغني في ذلك كسائِرِ الأشياء.

وقال آخرون: لا تصحُّ الهِبَةُ في ذلك إلَّا بأن يعزِلَها ويُعيِّتها.

قال مالكٌ: الأمرُ عندَنا أنَّ مَن نَحَل ابنًا له صغيرًا، ذهَبًا أو وَرِقًا، ثم هلَك وهو يَلِيه، أنَّه لا شيءَ للابنِ من ذلك، إلَّا أن يكونَ عزَلَها بعَينِها، أو دفَعها إلى رجلٍ وضَعها لابنِه عندَ ذلك الرجلِ، فإن فعَل ذلك، فهو جائزٌ للابنِ (١).

قال أبو عُمر: في حديثِ عثمانَ الذي هو أصلُ هذه المسألةِ عندَهم، اشتراطُ الإشهادِ في هِبَةِ الرجلِ لابنِه الصغيرِ، وذلك أن يُشهِدَ على الشيءِ بعَيْنِهِ، شُهودًا يقِفونَ عليه ويُعَيِّنُونَه وَيحوزونَه (٢) إذا احتِيجَ إلى شَهادَتِهم عليه، وإن كان شيئًا يُطبَعُ عليه طبَعَ الشُّهودُ عليه دُونَ الأبِ، وما لم يَقِفِ الشُّهودُ عليه في حِينِ الإشهادِ فليس بشيءٍ.

وحديثُ عثمانَ روَاه مالكٌ (٣)، عن ابنِ شهابٍ، عن سعيدِ بنِ المُسيِّبِ، أنَّ عثمانَ بنَ عفَّانَ، قال: مَن نحَل ولدًا له صغيرًا لم يبلُغْ أن يحوزَ نُحْلَه، فأعلَنَ ذلك وأشهَدَ عليها، فهي جائزةٌ وإن وَلِيَها أبوه.

ولا أعلَمُ خلافًا أنَّه إذا تصَدَّقَ على ابنِه الصغيرِ؛ بدَارٍ، أو ثوبٍ، أو سائرِ العُروضِ، أنَّ إعلانَ ذلك بالإشهادِ عليه، يُدْخِلُه في مِلكِ الابنِ الصغيرِ، ويُخرِجُه عن مِلكِ الأبِ، وتصحُّ بذلك العَطِيَّةُ للابنِ الصغيرِ؛ من هِبَةٍ، أو صَدَقةٍ، أو


(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٤/ ١٤١، والمنتقى للباجي ٦/ ١٠٥ و ١١٦، والمغني لابن قدامة ٦/ ٥٠ - ٥١.
(٢) هذه اللفظة سقطت من م.
(٣) الموطأ ٢/ ٣٢١ (٢٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>