للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الشافعيُّ (١): إذا أحرَمَ الصَّبيُّ، ثم بلَغ قبلَ الوُقوفِ بعرفَة، فوقَف بها مُحرِمًا، أجزَأه ذلك من حجةِ الإسلام، وكذلك العبدُ إذا أحرَم، ثم عَتقَ قبلَ الوُقوفِ بعرفة، فوقَف بها مُحرِمًا، أجزأه من حجةِ الإسلام، ولم يَحتَجْ إلى تجديدِ إحرام واحدٌ منهما.

قال (٢): ولو عَتقَ العبدُ بمزدلِفة، أو بلَغ الصَّبيُّ بها، فرجَعا إلى عرفةَ بعدَ العتقِ والبُلُوغِ فأدرَكا الوقوفَ بها قبلَ طلوع الفجر، أجزَأت عنهما من حجةِ الإسلام، ولم يكُنْ عليهما دَمٌ، ولو احتاطَا فأهْرَقا دمًا كان أحبَّ إليَّ. قال: وليس ذلك بالبَيِّن عندي.

قال (٣): فأمّا الغلامُ يبلُغُ والعبدُ يَعتِقُ والكافرُ يُسلِمُ بعرفةَ أو مزدلفةَ ولم يكنْ واحدٌ منهم أحرَم، ثم أحرَم بعدَ بلوغِه أو عِتقِه أو إسلامِه بمكةَ أو بعرفةَ أو بمزدلفة، فهؤلاء عليهم دمٌ واجبٌ لتركِ الميقات.

قال أبو عُمر: قد قال بكُلِّ قولٍ من هذه الأقاويل الثلاثةِ جماعة من علماءِ التَّابعين وفُقهاءِ المسلمين، ومُراعاةُ عرفةَ بإدراكِ الوقوفِ بها ليلةَ النَّحْر قبلَ طلوع الفجرِ إجماعٌ من العلماء؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الحجُّ عرفاتٌ" (٤). وسنذكُرُ هذا في


(١) في الأمّ ٢/ ١٤٢.
(٢) يعني الشافعيّ، في الأمّ ٢/ ١٤٢.
(٣) في الأمّ ١/ ١٤٢. وهذه الفقرة لم ترد في الأصل، ولا ندري هل سقطت من الناسخ أم حذفها المؤلف لذلك أثبتناها على الاحتمال، وهي ثابتة في ق، ف ١.
(٤) أخرجه الحميدي في مسنده (٨٩٩)، وأحمد في المسند ٣١/ ٦٤ (١٨٧٧٤)، وأبو داود (١٩٤٩)، وابن ماجة (٣٠١٥)، والترمذي (٨٨٩) و (٢٩٧٥)، والنسائي في الكبرى ٤/ ١٦٠ (٣٩٩٨)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٢/ ٢٠٥ (٩٥٧)، وابن خزيمة في صحيحه ٤/ ٢٥٧ (٢٨٢٢) من طرق عن سفيان الثوري، عن بُكير بن عطاء الليثي، عن عبد الرَّحمن بن يَعْمر الدِّيلي رضي اللَّه عنه. ووقع عند بعضهم بلفظ: "الحجّ عرفة"، وهو حديث صحيح، كما قال الإمام الترمذي. وسيأتي بإسناد المصنِّف من هذا الوجه في أثناء شرح الحديث الخامس لابن شهاب الزُّهريّ، عن سالم بن عبد اللَّه إن شاء اللَّه تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>