للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - حلَقَ رأْسَه في حَجَّتِه بعدَ رَمْي جَمْرَةِ العَقَبَةِ يومَ النحرِ، بعدَ أنْ نَحَر (١)، وقال: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ للمحَلِّقِين" (٢). وأجْمَعوا أنَّ التَّقْصِيرَ يُجْزِئُ من الحَلْقِ (٣)، لمَن لم يُلبِّدْ ولم يَعْقِصْ ولم يَضْفِرْ (٤). وأجْمَعوا أنَّ الحِلَاقَ أفْضَلُ من التَّقْصِيرِ (٥)، وأنْ ليس على النِّساءِ حَلْقٌ، وأنَّ سُنَّتَهُنَّ التَّقْصِيرُ (٦).

وروَى أنسُ بنُ مالكٍ، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ يومَ النحرِ، ونَحَر بُدْنَه، أو أمَرَ بها فنُحِرَتْ، وقال للحَلَّاقِ: "دُونَك". فحَلَق شِقَّه الأيمنَ، ثم الشِّقَ الأيسرَ، وناوَلَ شَعَرَ أحَدِ الشِّقَّيْنِ أبا طلحةَ، وقسَمَ الآخَرَ بينَ مَن يَلِيه الشعَرَةَ والشعَرَتَيْن.

وهذا الحديثُ رَواه هشامُ بنُ حسانَ، عن محمدِ بنِ سيرينَ، عن أنسِ بنِ مالكٍ (٧). وعلى العَمَلِ به جماعَةُ المسلمين (٨)، إلَّا ما كان من قَسْم الشَّعَرِ؛ فإنَّ ذلك


(١) انظر: الإقناع لابن القطان ١/ ٢٩١.
(٢) أخرجه البخاري (١٧٢٨)، ومسلم (١٣٠٢) من حديث أبي هريرة. وتمام الحديث: قالوا: وللمقصِّرين؟ قال: "اللهم اغفر للمُحلِّقين" قالوا: وللمُقصِّرين؟ قالها ثلاثًا، قال: "وللمُقصِّرين".
(٣) انظر: الإجماع لابن المنذر (٢٠٣) لكنه قال: وانفرد الحسن البصري، فقال: لا يُجزئ في حجة الإسلام إلا الحلق. وانظر: كذلك المجموع للنووي ٨/ ١٩٩.
(٤) قال ابن قدامة في المغني ٣/ ٣٨٦: اختلف أهل العلم فيمن لبَّد أو عقص أو ضفر، فقال أحمد: من فعل ذلك فليحلِق، وهو قول النخعي ومالك والشافعي وإسحاق، وكان ابن عباس يقول: من لبّد أو ضفر أو عقد أو فتل أو عقص فهو على ما نوى، يعني إن نوى الحلق فليحلق وإلا فلا يلزمه، وقال أصحاب الرأي: هو مخير على كل حال.
(٥) انظر: المجموع للنووي ٨/ ١٩٩.
(٦) انظر: الإجماع لابن المنذر (١٩٩).
(٧) أخرجه مسلم (١٣٠٥) من طرق عن هشام بن حسان، به.
وأخرج البخاري منه (١٧١) قصة أخذ أبي طلحة من شعره - صلى الله عليه وسلم - لما حلق، من طريق عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين، به.
(٨) انظر: المغني ٣/ ٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>