للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - خاصَّةً تَبَرُّكًا به. وجعَل أبو بكر بنُ أبي شيبةَ (١)، عن حَفْصِ بنِ غياثٍ، عن هشامٍ في هذا الحديثِ مَوْضِعَ أبي طلحةَ أُمَّ سُلَيْمٍ زوجَتَه. وسائِرُ مَن رَواه يقولون: إنَّه حلَق شِقَّه الأيمنَ، وأعطاه أبا طلحةَ. ورُبَّما قال بعضُهم: إنَّ الذي حلَقَ من شِقِّ رأسِه الأيْسَرِ هو الذي أعْطاه أبا طلحةَ (٢).

فلا خِلافَ بينَ العلماءِ أنَّ سُنَّةَ الحاجِّ أنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ العَقَبَةِ يومَ النَّحْرِ، ثم يَنْحَرَ هَدْيًا إن كان معه، ثم يَحْلِقَ رأسَه (٣). فمَن قدَّم شيئًا من ذلك عن مَوْضِعِه أو أخَّرَه، فللعلماءِ في ذلك ما نَذْكُرُه بعونِ الله وحولِه إن شاء اللهُ.

ووَقْتُ رَمْي جَمْرَةِ العَقَبَةِ يوم النَّحْرِ ضُحًى بعدَ طُلُوعِ الشمسِ إلى الغُروبِ. وأجْمَع علماءُ المسلمين على أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إنَّما رَمَاها ضُحَى ذلك اليومِ. وأجْمَعوا أيضًا أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَرْمِ من الجَمَراتِ يومَ النَّحْرِ غيرَ جَمْرَةِ العَقَبَةِ (٤). وأجْمَعوا على أنَّ مَن رَمَاها (٥) من طُلوعِ الشمسِ إلى الزَّوالِ يومَ النَّحْرِ فقد أصاب سُنَّتَها ووَقْتَها المخْتارَ (٦). وأجْمَعوا أنَّ مَن رَمَاها يومَ النَّحْرِ قبلَ المغيبِ فقد رَماها في وَقْتٍ لها، وإن لم يكنْ ذلك مُسْتحبًّا له (٧).

واخْتَلَفوا فيمَن أخَّرَ رَمْيَها حتى غَرَبَتِ الشمسُ من يومِ النحرِ؛ فذَكَر ابنُ القاسِم أنَّ مَالِكًا رحِمه اللهُ كان مَرَّةً يقولُ: عليه دَمٌ (٨). ومرَّةً لا يَرَى عليه


(١) هو في المصنَّف (١٤٧٨٧) مختصر بلفظ: عن أنس أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للحلاق هكذا، وأشار بيده إلى الجانب الأيمن. لكن رواه مسلم (١٣٠٥) عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره بهذا الإسناد بطوله.
(٢) هذا رواية أبي كريب عن حفص بن غياث عن هشام بن حسان عند مسلم (١٣٠٥).
(٣) انظر: الإقناع لابن القطان ١/ ٢٩٣.
(٤) انظر: الإجماع لابن المنذر (١٩٣) و (١٩٤). وانظر: في ذلك حديث جابر عند مسلم (١٢٩٩).
(٥) قفز نظر ناسخ الأصل إلى لفظة "رماها" الآتية، فسقط ما بينهما.
(٦) انظر: مراتب الإجماع لابن حزم ص ٤٤.
(٧) انظر: بداية المجتهد ٢/ ١١٦.
(٨) انظر: المدونة ١/ ٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>