للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئًا (١). قال: وقد تأخَّرَتْ صَفِيَّةُ امرأةُ ابنِ عمرَ على ابنةِ أخيها حتى أتَتْ مِنًى بعدَما غابَتِ الشمسُ، فرَمَتْ يومَ النَّحْرِ، ولم يَبْلُغْنا أنَّ ابنَ عمرَ أمَرَها بشيءٍ (٢). ذكَرَ ذلك أبو ثابِتٍ، عن ابنِ القاسِم.

وقال الثوريُّ: مَن أخَّرَها عامِدًا إلى الليلِ فعليه دَمٌ.

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه والشافعيُّ: يَرْمِيها من الغَدِ، ولا شيءَ عليه (٣)، وقد أساء إن ترَكَها عامِدًا، والناسي لا شيءَ عليه. وقد قيل: على العامِدِ لذلك دَمٌ.

واخْتَلَفوا فيمَن رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ في غيرِ وَقْتِها قبلُ أو بعدُ؛ فأمَّا اخْتِلافُهم فيمَن رَماها قبلَ طُلوعِ الفجرِ يومَ النحرِ، فأكثرُ العلماءِ على أنَّ ذلك لا يُجْزِئُ، وعلى مَن فَعَله الإعادَةُ. وهو قولُ مالكٍ، والثوريِّ، وأبي حنيفةَ وأصحابِه، وأبي ثورٍ، وأحمدَ بنِ حنبلٍ، وإسحاقَ.

وقال مالكٌ في "الموطّأ"، آَنه سَمِع بعضَ أهلِ العِلْمِ يَكْرَهُ رَمْىَ جمرةِ العقبة حتى يَطْلُعَ الفجرُ من يومِ النحرِ. قال: فإن رَمَى قبلَ الفجرِ فقد حَلَّ له النَّحْرُ. قال مالكٌ: ولم يَبْلُغْنا أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أرْخَصَ لأحَدٍ أن يرميَها قبلَ الفَجْرِ، فمَن رَماها حَلَّ له الحَلْقُ.

وقال عطاءُ بنُ أبي رباح، وابنُ أبي مُلَيْكَةَ، وعكرمةُ بنُ خالِدٍ، وجماعَةُ المكيين، في الذي يَرْمِي جمرةَ العَقَبَةِ قبلَ طُلوعِ الفجرِ: إنَّ ذلك يُجْزِئُ، ولا إعادَةَ على مَن فَعَل ذلك. وبه قال الشافعيُّ وأصْحابُه، إذا كان الرَّمْيُ بعدَ نِصْفِ الليلِ (٤). قال


(١) انظر: البيان والتحصيل لابن رشد الجد ٣/ ٣٩٩.
(٢) انظر: الموطأ ١/ ٥٤٦ (١٢٢٣).
(٣) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٢/ ١٥٦.
(٤) انظر: معالم السنن للخطابي ٢/ ٢٠٦، ومختصر خلافيات البيهقي ٣/ ٢١٢ - ٢١٣، وبداية المجتهد ٢/ ١١٦، والمغني لابن قدامة ٣/ ٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>