للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعيُّ: وكذلك إن نَحَر بعدَ نِصْفِ الليلِ وقبلَ الفجرِ أجْزَأه. ورُوِي عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ أنَّها كانتْ تَرْمِي الجِمارَ بالليلِ (١).

واحْتَجَّ الشافعيُّ (٢) بحديثِ أُمِّ سلمةَ، فقال: أخبَرنا داودُ بنُ عبدِ الرحمن وعبدُ العزيزِ بنُ محمدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عن هشامِ بنِ عروةَ، عن أبيه، قال: دارَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أُمِّ سلمةَ يومَ النَّحْرِ، فأمَرها أن تُعَجِّلَ الإفاضَةَ من جَمْع حتى تَرْمِيَ الجمرةَ وتُوافِىَ صلاةَ الصبح بمكةَ، وكان يومَها، وأحَبَّ أن تُوافِيَه.

قال: وأخبَرنا الثِّقَةُ، عن هشامِ بنِ عروةَ، عن أبيه، عن زينبَ بنتِ أُمِّ سلمةَ، عن أُمِّ سلمةَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مثلَه. قال الشافعيُّ: وهذا لا يكونُ إلَّا وقد رَمَتِ الجَمْرَةَ قبلَ الفجرِ بساعةٍ.

قال أبو عُمر: كان أحمدُ بنُ حنبلٍ يدْفَعُ حديثَ أُمِّ سلمةَ هذا ويُضَعِّفُه (٣).

وأمَّا اخْتِلافُهم في رَمْي جمرةِ العقبةِ بعدَ طُلوعِ الفجرِ وقبلَ طُلوعِ الشمسِ؛ فإنَّ أكثرَ الفقهاءِ يُجيزون ذلك، وممَّن أجازَه: مالكٌ، والشافعيُّ، وأبو حنيفةَ، ومَن قال بقولِهم.

وقال الثوريُّ (٤): إن رمَاها قبلَ طُلوعِ الشمسِ أعادَها.

وقال أبو ثَوْر: إن اخْتَلفوا في رَمْيِها قبلَ طُلوعِ الشمسِ لم تُجْزِئْ مَنْ رَمَاها، وكان عليه الإعادَةُ، وإن أجْمَعوا سلَّمْنا للإجْماعِ. وحُجَّتُه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَمَاها


(١) أخرجه البخاري (١٦٧٩)، ومسلم (١٢٩١).
(٢) في الأم ٢/ ٢٣٤. وانظر: كلام البيهقي على هذا في مختصر خلافيّاته ٣/ ٢١٣.
(٣) انظر: علل أحمد برواية ابنه عبد الله (٢٦٣٧)، حيث نقل أحمد عن يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي أنهما أعلاه بالإرسال. وممن أعله بالإرسال أيضًا الدارقطني كما في علله (٣٨٢٢) و (٣٩٩٢)، وانظر: مختصر اختلاف العلماء ٢/ ١٥٠ - ١٥١.
(٤) قول الثوري هذا سقط من م جملةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>