للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما قَدَّمْنا ذكرَه، وعلى رِوايةِ ابنِ أبي حازِم (١) عن مالكٍ جماعَةٌ من العلماءِ؛ منهم الشافعيُّ، وأبو حنيفةَ، والثوريُّ، والأوزاعيُّ (٢).

وقد روَى مالكٌ (٣)، عن أبي الزبيرِ، عن عطاءٍ، عن ابنِ عباسٍ في الذي يَطَأُ أهلَه بعدَ رَمْي جمرةِ العقبةِ وقبلَ أن يُفِيضَ، أنَّه يَنْحَرُ بدنةً ويُجْزِئُه.

وروَى (٤) عن ثورِ بنِ زيدٍ، عن عكرمةَ - أظُنُّه عن ابنِ عباسٍ - أنَّه يَعْتَمِرُ ويُهْدِي. ورِوايةُ ثورٍ عن عكرمةَ في هذا ضعيفةٌ؛ لأنَّ أيوبَ روَى عن عكرمةَ أنَّه قال: ما أفْتَيْتُ برَأْيٍ قَطُّ إلَّا في ثلاثِ مسائلَ؛ إحداهُنَّ في الذي يُصيبُ أهلَه قبلَ أن يطوفَ للإفاضَةِ يَعتمِرُ ويُهْدِي. وقال مالكٌ وجمهورُ أصحابِه في الذي يَطَأُ أهلَه بعدَ يومِ النَّحْرِ (٥) قبلَ رَمْي جمرةِ العَقَبَةِ، أنَّه يَرْمِي الجمرةَ، ويطوفُ للإفاضَةِ، وعليه أن يَعْتَمِرَ ويُهْدِيَ، ليس عليه غيرُ ذلك. وإنَّما يَفْسُدُ حَجُّه عندَهم إذا وَطِئها يومَ النَّحْرِ قبلَ أن يَرْمِيَ الجمرةَ، وأمَّا إن وَطِئها بعدَ يومِ النحرِ، فإنما عليه أن يَعْتَمِرَ ويُهْدِيَ، وسواءٌ وطِئها قبلَ رَمْي الجمرةِ أو بعدُ، إذا كان قد وَقَف ليلًا بعرفةَ، وكان وَطْؤُه بعدَ يومِ النَّحْرِ (٦).


(١) في الأصل: "ابن القاسم"، وهو خطأ.
(٢) كذا أجمل ابن عبد البر أقوال هؤلاء، وهو خلاف ما قاله الطحاوي كما في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٢٠٣ حيث قال: قال أصحابنا - يعني الحنفية -: من جامع بعد الوقوف بعرفة فعليه بدنة وحجُّه تامّ يمضي فيه وهو قول الثوري، وروي عن ابن عباس. ثم نقل قول مالك.
ثم قال: قال الأوزاعي: إذا جامع قبل رمي جمرة العقبة فسد حجه وهو قول الشافعي.
وانظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب (٧٩١)، والمغني لابن قدامة ٣/ ٤٢٣.
(٣) في الموطأ ١/ ٥١٦ (١١٣٦).
(٤) في الموطأ ١/ ٥١٧ (١١٣٧).
(٥) يعني في أيام التشريق.
(٦) انظر: المدونة ١/ ٤٥٨، والمنتقى لأبي الوليد الباجي ٣/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>