للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكَرَ ابنُ حبيبٍ، عن مالكٍ وأصحابِه فيمَن وَطِئَ قبلَ رمي جمرةِ العقبةِ، أنَّه يَفْسُدُ حَجُّه وإن كان بعدَ يومِ النَّحْرِ. وهذا غيرُ معروفٍ في مذْهَبِ مالكٍ وأصحابِه، والمعروفُ ما ذكَرْتُ لك. فهذه أحكامُ جَمْرَةِ يومِ النَّحْرِ فيمَن وَطِئَ قبلَها أوبعدَها، وليس لشيءٍ من الجِمارِ حُكْمُها.

وأمَّا الجِمارُ التي تُرْمَى في أيامِ مِنًى بعدَ يومِ النحرِ، فأجْمَع علماءُ المسلمين أنَّ وَقْتَ الرَّمْي في غيرِ يومِ النحرِ بعدَ زَوالِ الشمسِ (١).

وقال مالكٌ، والثوريُّ، والأوزاعيُّ، والشافعيُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ (٢): لا يُجْزِئُ الرمْيُ في غيرِ يوم النَّحْرِ إلَّا بعدَ الزوالِ.

وقال أبو حنيفةَ: إن فَعَلَه أحدٌ قبلَ الزَّوَالِ أجْزَأه (٣). وعن عطاءٍ (٤)، وطاوسٍ (٥)، وعكرمةَ، مثلُ قولِ أبي حنيفةَ، إلَّا أنَّ طاوسًا قال: إن شاء رَمَى من أوَّلِ النهارِ ونَفَر. وقال عكرمةُ: إن رَمَى أولَ النهارِ لم يَنْفِرْ حتى تزولَ الشمسُ.

وعن عمرَ، وابنِ عباسٍ، وابنِ عمرَ، وجماعَةِ التابعين (٦)، مثلُ قولِ مالكٍ ومَن تابَعه في ذلك.


(١) انظر: الإجماع لابن المنذر (١٩٧)، والمحلى لابن حزم ٥/ ١٤٠، وبداية المجتهد لابن رشد الحفيد ٢/ ١١٨.
(٢) انظر: المبسوط لمحمد بن الحسن ٩/ ٤٢٩، والإشراف للقاضي عبد الوهاب (٧٨١)، ومختصر اختلاف العلماء ٢/ ١٥٦، والمجموع للنووي ٨/ ٢٣٩. وهو قول أحمد وإسحاق بن راهوية كما في مسائل الكوسج ٥/ ٢٢٧٧.
(٣) هذا مقيد عنده باليوم الثالث كما بينه محمد بن الحسن في المبسوط ٢/ ٤٢٩. وأما اليومان الأول والثاني فقول غيره بعدم الإجزاء قبل الزوال.
(٤) بل ذكر عنه ابن أبي شيبة (١٤٧٩٩) خلاف ذلك، حيث قال: لا تُرمى الجمرة حتى تزول الشمس.
(٥) وهذا أيضًا خلاف ما ثبت عن طاووس فعله حيث أسند عنه ابن أبي شيبة أيضًا (١٤٧٩٧) أنه رمَى الجمار عند زوال الشمس.
(٦) انظر: الرواية عنهم في ذلك في مصنَّف ابن أبي شيبة (١٤٧٩٠ - ١٤٧٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>