للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عطاءِ بنِ أبي رباح: مَن قَدَّم نُسُكًا قبلَ نُسُكٍ فلا حَرَجَ. ورُوِيَ ذلك عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، وطاوسٍ، ومجاهدٍ، وعكرمةَ، وقتادةَ (١).

وذكر ابنُ المنذرِ، عن الشافعيِّ، في هذه المسألةِ، مَن حلَق قبلَ أن يَرْمِيَ، أنَّ عليه دَمًا. وزَعَم أنَّ ذلك حَفِظه عن الشافعيِّ، وهو خَطَأٌ على الشافعيِّ، والمشهورُ من مَذْهَبِه في كُتُبِه وعندَ أصحابِه أنَّه لا شيءَ على مَن قَدَّم أو أخَّرَ من أعمالِ يوم النحرِ كلِّها شيئًا إذا كان ساهِيًا.

وأمَّا اخْتِلافُهم فيمَن حلَق قبلَ أن يذْبَحَ، فجمهورُ العلماء على أنْ لا شيءَ عليه. كذلك قال عطاءٌ، وطاوسٌ، وسعيدُ بنُ جبيرٍ، وعِكْرمَةُ، ومجاهدٌ، والحسنُ، وقتادةُ (٢). وهو قولُ مالكٍ، والأوزاعيِّ، والثوريِّ، والشافعيِّ، وأبي ثورٍ، وأحمدَ، وإسحاقَ، وداودَ، ومحمدِ بنِ جَريرٍ (٣).

وقال إبراهيمُ النخعيُّ: مَن حلَق قبلَ أن يذْبَحَ أهراقَ دَمًا. وقال جابرُ بنُ زيدٍ: عليه الفديةُ (٤). وقال أبو حنيفةَ: عليه دَمٌ. قال: وإن كان قارِنًا فعليه دَمَان؛ دَمٌ للقِرانِ، ودَمٌ للحلقِ. وقال زُفَرُ: على القارِنِ إذا حلَق قبلَ أن يَنْحَرَ ثلاثةُ دِمَاءٍ؛ دَمٌ للقِرانِ، ودَمَانِ للحَلْقِ قبلَ النحرِ (٥).


(١) المعروف عن الحسن وسعيد بن جبير أن من قدم نسكًا قبل آخر أنه يُهريق دمًا كما رواه عنهما ابن أبي شيبة (١٥١٨٩)، والطبري في تهذيب الآثار - مسند ابن عباس ١/ ٢٣٢.
وأما مجاهد وطاووس وعطاء فروى قولهم في ذلك الطبري ١/ ٢٣٢، وابن حزم في المحلى ٥/ ١٩٢ كما قال المصنّف يعني أنه لا شيء عليه. ولم نقف عليه عن قتادة وعكرمة، لكن حكاه الخطابي في معالم السنن ٢/ ٢١٧ عن قتادة أن عليه دمًا.
(٢) المعروف عن سعيد بن جبير والحسن أن عليه دمًا كما بيناه في التعليق الذي قبله.
(٣) انظر: الأم للشافعي ٢/ ٢٣٦، ومسائل الكوسج لأحمد وإسحاق ٥/ ٢١٦٤، وتهذيب الآثار للطبري قسم مسند ابن عباس ١/ ٢٢٨، والمحلى لابن حزم ٥/ ١٩٣، والمغني لابن قدامة ٣/ ٣٩٥.
(٤) انظر: المصنَّف لابن أبي شيبة (١٥١٨٧) و (١٥١٩٠)، والطبري في تهذيب الآثار مسند ابن عباس ١/ ٢٣١ و ٢٣٢.
(٥) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>