للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"مَن لم يكنْ معه هَدْيٌ، فليَجعَلْها عُمرةً". وكان مع النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- هديٌ، فقدِم علينا عليُّ بنُ أبي طالب من اليَمَن حاجًّا، فقال له النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بمَ أهلَلْتَ؛ فإنَّ معنا أهْلَك؟ ". فقال: أهْلَلْتُ بما أهلَّ به النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: "فأمسِكْ، فإنَّ معنا هَديًا".

قال البخاريُّ (١): وحدَّثنا مَكِّيُّ بنُ إبراهيم، عن ابنِ جُريج، عن عطاء، عن جابرٍ، قال: أمَر النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عليًّا أن يُقيمَ على إحْرامِه. قال جابر: وقَدِم عليٌّ من سِعايَتِه، فقال له النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بمَ أهْلَلْتَ يا عليُّ؟ ". قال: بما أهَلَّ به النبيُّ. قال: "فأهْدِ، وامكُثْ حَرامًا كما أنتَ".

وحديثُ أبي موسى عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بمثلِ معنَى حديثِ عليٍّ عنه في ذلك سواءٌ، وكلاهُما حديثٌ ثابتٌ صحيحٌ.

ذكر البخاريُّ (٢)، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ يوسف، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن قيسِ بنِ مسلم، عن طارقِ بنِ شهاب، عن أبي موسى، قال: بعَثني النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى قَوْمي (٣) باليَمَن، فجِئْتُ وهو بالبَطحاء، فقال: "بمَ أهْلَلْتَ؟ ". قلتُ: أهْلَلْتُ بإهلالِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: "هل معك هَدْيٌ؟ ". قلتُ: لا. وذكَر الحديث.

ففي هذين الحديثَيْن أنَّ عليًّا وأبا موسى لم يَنوِيا شيئًا مُعيَّنًا من حَجٍّ مُفرَد، ولا عمرة، ولا قِرَان، وإنّما أهلّا مُحْرِمَيْن، وعلَّقا النَّيَّة في عَمَلِهما بما نَواه وعَمِلَه


(١) في صحيحه (١٥٥٧) و (٤٣٥٢). ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وجابر: هو ابن عبد اللَّه الأنصاري رضي اللَّه عنه.
(٢) في صحيحه (١٥٥٩). محمد بن يوسف شيخ البخاري: هو ابن واقد الفِرْيابيّ، وسفيان: هو الثَّوريّ، وقيس بن مسلم: هو الجَدَليّ الكوفيّ.
(٣) هذه رواية أبي ذر الهروي، وأما رواية الباقين فهي: "قوم".

<<  <  ج: ص:  >  >>