للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسنذكُرُ حديثَ عبدِ الله بنِ عمرٍو من هذا البابِ في مَوضِعِه، إن شاء الله.

وقال الثَّوريُّ، والحسنُ بنُ حيٍّ، وأبو يُوسفَ، ومحمدُ بنُ الحسنِ الشَّيبانيُّ، وأحمدُ بنُ حنبل، وإسحاقُ بنُ راهُوية، ومحمدُ بنُ جريرٍ الطَّبريُّ: آخرُ وقتِ الظُّهرِ إذا كان ظلُّ كلِّ شيءٍ مثلَه، ثم يدخُلُ وقتُ العصرِ (١). ولم يذكُرُوا فاصلةً، إلَّا أنَّ قولَهم: ثم يدخُلُ وقتُ العصرِ. يدُلُّ على فاصلةٍ.

وقال أبو حنيفَةَ: آخرُ وقتِ الظُّهر إذا كان ظلُّ كلِّ شيءٍ مثلَيه (٢). فخالَف الآثارَ والناسَ؛ لقَولِه بالمِثْلَينِ في آخرِ وقتِ الظُّهرِ، وخالفَه أصحابُه. وذكَرَ الطَّحاويُّ (٣) روايةً أُخرى عن أبي حَنيفَةَ، زعَم أنَّه قال: آخرُ وقتِ الظُّهرِ إذا كان ظلُّ كلِّ شيءٍ مثلَه، على قولِ الجماعةِ، ولا يدخُلُ في وقتِ العصرِ حتى يصيرَ ظلُّ كلِّ شيءٍ مثلَيه. فترَك بينَ الظُّهرِ والعصرِ وقتًا مفرَدًا لا يصلُحُ لأحدِهما.

وأمَّا أوَّلُ وقتِ العصرِ، فقد تَبيَّنَ من قولِ مالكٍ فيه ما ذكَرنا، ومن قولِ الشَّافعيِّ، ومن تابعَه ما وصَفنا، ومن قولِ سائِرِ العُلماءِ أيضًا من مُراعاةِ المِثْلِ ما قد بيَّنا، وهذا كلُّه أمرٌ مُتقاربٌ.

وقال أبو حنيفةَ: أوَّلُ وقتِ العصرِ من حينِ يَصيرُ الظِّلُّ مِثلينِ (٤). وهذا خِلافُ الآثارِ، وخلافُ الجُمهُورِ.


(١) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٩٣ - ١٩٤، والأوسط لابن المنذر ٣/ ١٨ - ١٩، وحلية العلماء لأبي بكر الشاشي القفّال ٢/ ١٣ - ١٤.
(٢) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٩٣، وبدائع الصنائع للكاساني ١/ ١٢٢.
(٣) في مختصر اختلاف العلماء، له ١/ ١٩٣، قال: "وروى الحسن بن زياد عنه: أنه إذا صار ظل كل شيء مثله"، وتحرف في المطبوع منه إلى: "مثليه". وهذا رواه بإسناده في شرح المعاني ١/ ١٥٩ (٩٦١) إلى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله، أنه قال في ذلك: "آخِرُ وقتها إذا صار الظِلُّ مثله، وهو قول أبي يوسف رحمه الله ومحمد - يعني الشيباني - وبه نأخذ". وينظر: حلية العلماء لأبي الشاشيّ القفّال ٢/ ١٤.
(٤) نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٩٤، وينظر المجموع شرح المهذَّب للنووي ٣/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>