للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو يُوسفَ، ومحمدٌ (١): وقتُ العصرِ إذا كان ظلُّ كلِّ شيءٍ قامتَه، فيزيدُ على القامةِ إلى أن تتغيَّر الشمسُ.

وقال أبو ثورٍ: أوَّلُ وقتِها إذا كان ظلُّ كلِّ شيءٍ مثلَه بعدَ الزَّوالِ، وزادَ على الظِّلِّ زيادةً تبينُ، إلى أن تَصْفرَّ الشمسُ. وهو قولُ أحمدَ بنِ حنبلٍ؛ آخرُ وقتِ العصرِ ما لم تَصْفرَّ الشمسُ (٢).

وحجَّةُ من قال بهذا القولِ حديثُ عبدِ الله بنِ عمرٍو، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّه قال: "ووقتُ العصرِ ما لم تصفرَّ الشَّمسُ". رواه قتادةُ، عن أبي أيُّوبَ الأزديِّ، عنه (٣).

وقال إسحاقُ بنُ راهُوية: آخرُ وقتِ العصرِ أن يُدرِكَ المُصلِّي منها ركعةً قبلَ الغُروبِ (٤). وهو قولُ داودَ، لكلِّ الناسِ؛ معذُورًا وغيرَ معذُورٍ، صاحبَ ضرُورَةٍ وصاحبَ رَفاهيةٍ، إلَّا أنَّ الأفضلَ عندَه وعندَ إسحاقَ أيضًا أوَّلُ الوقتِ. وقال الأوزاعيُّ: إن ركعَ ركعَةً قبلَ غُروبِها، ورَكعةً بعدَ غُروبِها، فقد أدرَكَها (٥). وحُجَّتُهم حديثُ أبي هُريرَةَ: "من أدركَ رَكعةً من العصرِ قبلَ أن تغرُبَ الشَّمسُ


(١) وهو الشيباني، وهذا ذكره في الأصل المعروف بالمبسوط، له، ١/ ١٤٤، وينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٩٤، والمبسوط للسرخسي ١/ ١٤٢.
(٢) ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية لإسحاق بن منصور الكوسج ٢/ ٤٢٥ (١١٩)، ومسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله ص ٥٢ (١٨٠)، والمغني لابن قدامة ١/ ٢٧٢، وحلية العلماء لأبي بكر القفال الشاشي ٢/ ١٤.
(٣) سلف تخريجه في سياق شرحه للحديث الخامس من أحاديث زيد بن أسلم، وسيأتي بإسناد المصنِّف بعد قليل.
(٤) في الأصل: "غروب الشمس". نقله عنه إسحاق بن منصور الكوسج في مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية ٢/ ٤٢٦ (١١٩)، قال: "آخر وقتها للمفرِّط أو صاحب عُذرٍ قدْر ما يبقى إلى غروب الشمسِ بركعةٍ". وكذا نقل عنه ابن المنذر في الأوسط ٣/ ٢٣، وقال: وبه قال الشافعيُّ.
(٥) تنظر هذه الأقوال: في الأوسط لابن المنذر ٣/ ٢٢ - ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>