للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الإسلام. ذكرَه مالكٌ (١)، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن سليمانَ بنِ يسارٍ، أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ رضي الله عنه كان يُلِيطُ أولادَ الجاهليَّةِ بمَن ادَّعَاهم في الإسلام.

قال أبو عُمر: هذا إذا لم يكنْ هناك فِرَاشٌ؛ لأنَّهم كانوا في جاهليَّتِهم يُسافِحُون ويُناكِحُون، وأكثرُ نِكاحَاتِهم - على حُكْمِ الإسلامِ - غيرُ جائزةٍ، وقد أمْضَاها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا جاء الإسلامُ أبطَل به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حُكْمَ الزنَى؛ لتَحْرِيم الله إياه، وقال: "للعاهِرِ الحجَرُ" فنَفَى أنْ يُلْحَقَ في الإسلام ولَدُ الزِّنَى، واجْتمَعَتِ (٢) الأُمَّةُ على ذلك نَقْلًا عن نبيِّها - صلى الله عليه وسلم -، وجعَل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - كلَّ ولَدٍ يُولَدُ على فِرَاشٍ لرجلٍ لاحِقًا به على كلِّ حالٍ، إلَّا أن يَنْفِيَه بلِعانٍ على حُكْمِ اللِّعَانِ، وقد ذكرْنَاه في مَوْضِعِه من كِتابِنا هذا (٣).

وأجْمَعَتِ (٤) الجماعةُ مِن العلماءِ أنَّ الحُرَّةَ فِراشٌ بالعقدِ عليها مع إمكانِ الوَطْءِ وإمكانِ الحملِ، فإذا كان عقدُ النكاح يُمْكِنُ معه الوَطْءُ والحملُ، فالوَلَدُ لصاحِبِ الفِرَاشِ، لا يَنْتفِي عنه أبدًا بدعوَى غيره، ولا بوَجْهٍ مِن الوُجوه إلَّا باللِّعانِ.

واختلَف الفقهاءُ في المرأةِ يُطلِّقُها زوجُها في حين العقدِ عليها بحضرةِ الحاكم أو الشهودِ، فتأتي بولَدٍ لسِتَّةِ أشْهُرٍ فصاعِدًا مِن ذلك الوقتِ عَقِيبَ العقدِ؛ فقال مالكٌ والشافعيُّ: لا يُلْحَقُ به؛ لأنَّها ليست بفِراشٍ له، إذْ لم يُمْكِنْه الوطءُ في العِصْمَةِ، وهو كالصغيرِ أو الصغير اللَّذَيْن لا يُمْكِنُ منهما الوَلَدُ. وقال أبو حنيفةَ: هي فِراشٌ له، ويُلْحَقُ به ولَدُها (٥).


(١) في الموطأ ٢/ ٢٨٤ (٢١٥٩).
(٢) في ف ٢: "وأجمعت"، والمثبت من الأصل، ج.
(٣) ينظر ما سلف في شرح حديث ابن شهاب الزُّهري عن السائب بن يزيد.
(٤) في الأصل: "واجتمعت".
(٥) ينظر: المدونة ٢/ ٥٥١، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٤٦٧٢، وبداية المجتهد لابن رشد ٤/ ١٤٢. والمجموع شرح المهذّب للنَّووي ١٧/ ٤٢٩، والمغني لابن قدامة ٥/ ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>