للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: وأجاز نكاحَها طائفتانِ مِن الحِجازِيِّين؛ إحداهما تقولُ: إنَّ لبنَ الفحل لا يُحرِّمُ شيئًا. والأُخرى تقولُ: إنَّ الزِّنَى لا يُحرِّمُ نكاحَ بنتٍ ولا أمٍّ (١)، ولا حُكْمَ له، وإنَّما الحُكْمُ للوَطْءِ الحَلالِ في الفِرَاشِ الصحيح. وسنذْكُرُ اخْتِلافَ الفقهاءِ في التحريم بلبنِ الفحلِ في هذا الكتابِ (٢) إن شاء الله.

قال أبو عُمر: قد ظَنَّ ظانٌّ أنَّ عمرَ بنَ الخطاب كان يُليِطُ أولادَ الجاهليةِ بمَن ادَّعَاهم، كان هناك فِرَاشٌ أو لم يكنْ (٣)، وذلك جَهلٌ وغباوَةٌ وغفلةٌ شديدةٌ (٤)، وإنمَّا الذي كان عمرُ يَقْضِي به، أن يُليطَ أولادَ الجاهليَّةِ بمَن ادَّعَاهم إذا لم يكنْ هناك فِراشٌ. وفيما ذكرنا مِن قولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الولَدُ للفِراشِ، وللعاهِرِ الحجَرُ" ما يُغْني ويكْفِي، ونحنُ نزيدُ ذلك بيَانًا بالنصِّ (٥) عن عمرَ رحِمه اللهُ، وإن كان مُسْتحيلًا أنْ يَظُنَّ به أحدٌ أنَّه خالَفَ بحُكمِه حُكْمَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في: "الولَدُ للفِراشِ، وللعاهرِ الحجَرُ" إلَّا جاهِلٌ، لا سيَّما مع استِفاضَةِ هذا الحديثِ (٦) عندَ الصحابةِ ومَن بعدَهم.

حدَّثني أحمدُ بنُ عبدِ الله بنِ محمدٍ، قال: حدَّثنا الميمونُ بنُ حمزةَ الحُسَينيُّ، قال: حدَّثنا أبو جعفرٍ أحمدُ بنُ محمدِ بنِ سلامَةَ الطَّحاويُّ، قال (٧): حدَّثنا أبو


(١) في ج، م: "لا يؤثر تحريمًا".
(٢) سيأتي في الحديث الثالث والعشرين لعبد الله بن دينار في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٣) في ج، م: "أم لا".
(٤) في ج، م: "مفرطة".
(٥) في ج، م: "بالنصوص".
(٦) في ج، م: "الخبر".
(٧) في أحكام القرآن، له ٢/ ٤٢٨ (١٩٨٩). وأخرجه الشافعيُّ في الأمّ ٢/ ١٩٢، وفي السُّنن المأثورة، له (٥١٦) لإسماعيل المُزنيّ، وعبد الرزاق في المصنّف ٥/ ١٢٨ (٩١٥٢)، والحميديّ في مسنده (٢٤)، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٤٠٢ (١٥٧٢٢) من طرقٍ عن سفيان بن عيينة، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>