للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبدِ الرحمنِ، وأبي الأحوصِ، والشَّعبيِّ (١)، وهو قولُ الشافعيِّ، وأبي حنيفةَ، وأصحابِهما، والثَّوريِّ (٢) (٣). وحجَّتُهم حملُ الآيةِ على عُمومِها في كلِّ مسجدٍ، وهو أحدُ قوليْ مالكٍ (٤)، وبه يقولُ ابنُ عُليَّةَ، وداودُ، والطَّبريُّ (٥).

وقال الشافعيُّ (٦): لا يُعتكفُ في غيرِ المسجدِ الجامع إلَّا من الجمعةِ إلى الجمعةِ. قال: واعتكافُه في المسجدِ الجامع أحبُّ إليَّ، ويعتكفُ المسافرُ والعبدُ والمرأةُ حيثُ شاءوا، ولا اعتكافَ إلَّا في مسجدٍ؛ لقولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}.

قال أبو عُمر: في حديثنا هذا من قولِ عائشةَ: وكان لا يدخُلُ البيتَ إلَّا لحاجةٍ الإنسانِ. تعني به رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - - دليلٌ على أنَّه لم يكنِ اعتكافُه في بيته، وأنَّه كان في مسجدِه - صلى الله عليه وسلم -.

وفيه دليلٌ على أنَّ المعتكفَ لا يشتغلُ بغيرِ لُزومِه المسجدَ، ومعلومٌ أنَّ لُزومَ المسجدِ إنَّما هو للصَّلواتِ وتلاوةِ القرآنِ، وأنَّ المعتكفَ إذا لم يدخُلْ بيْتَ


(١) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ٤/ ٣٤٦ (٨٠٠٩) و (٨٠١٠) و ٤/ ٣٤٧ (٨٠١٥) و ٤/ ٣٤٨ (٨٠١٧)، ولابن أبي شيبة في (باب مَن اعتكف في مسجد قومه ومَن فعلَه) (٩٧٥٣ - ٩٧٦٠)، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٤٨.
(٢) "الثوري" لم يرد في الأصل، وهو في ف ٢، ج، وقوله ذكره ابن رشد في بداية المجتهد ٢/ ٧٧.
(٣) ينظر: الأمّ للشافعيّ ٢/ ١١٥، والأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ٢/ ٢٦٩ - ٢٧٢، واختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي ١/ ١٨٧.
(٤) ينظر: المدوّنة ١/ ٢٩٨، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٤٨، والقول عنده أنه لا اعتكاف إلّا في مسجد فيه جمعة، هو رواية ابن عبد الحكم عن مالك فيما ذكر ابن رشد في بداية المجتهد ٢/ ٧٧.
(٥) ينظر: اختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي ١/ ١٨٥ - ١٨٦، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٤٨.
(٦) في الأم ٢/ ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>