للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعتكفًا حتى يجتنبَ ما يجتنبُ المعتكفُ. قال: ولا بأسَ بنكاح المعتكفِ ما لم يكنِ الوقاعُ، والمرأةُ المعتكفةُ تُنكحُ نكاحَ الخطبةِ. هذا كلُّه قولُه في "الموطَّآتِ" (١).

وقال ابنُ القاسم، عن مالكٍ: لا يقومُ المعتكفُ إلى رجلٍ يُعزِّيه بمصيبةٍ، ولا يشهدُ نكاحًا يُعقدُ في المسجدِ يقومُ إليه، ولكنْ لو غشِيَه ذلك في مجلسِه، لم أرَ بذلكَ بأسًا، ولا يقومُ إلى الناكح يهنِّيه (٢)، ولا يكتبُ العلمَ، ولا يشتغلُ في مجلسِ العلم. قال: ويشترِي ويبيعُ إذا كان خفيفًا، ولا يشهَدُ الجنائزَ، ولا يعودُ المرضَى (٣).

وجملةُ مذهبِه أنَّ المعتكفَ لا يشتغلُ بشيءٍ من أُمورِ الدُّنيَا إلَّا اليسيرَ الذي لا يستغني عنه في مصالحِه، مثلَ الكتابِ الخفيفِ يكتُبه مما يحتاجُ إليه أو يأمُرُ مَن يخدُمُه، ومثلَ هذا من مُراعاةِ أحوالِه إذا كان يسيرًا خفيفًا.

ومن مذهبِه عندَ أصحابِه أنَّ المعتكفَ إذا أتَى كبيرةً من الكبائرِ فسَد اعتكافُه (٤)؛ لأنَّ الكبيرةَ ضدُّ العبادةِ كما الحدثُ ضدُّ الطَّهارةِ والصلاةِ، وتركُ ما حرُمَ عليه أعلى منازلِ الاعتكافِ في العبادةِ. هذا كلُّه قولُ ابنِ خُوَيْز مَنْداد، عن مالكٍ.

وقال الثَّوريُّ: المعتكفُ يعودُ المريضَ، ويشهدُ الجمعةَ، وما لا يحسُنُ به أنْ يُضيِّعَه، لا يدخُلُ سقفًا إلَّا أنْ يكونَ ممرُّه فيه، ولا يجلسُ عندَ أهلِه، ولا يُوصِيهم بحاجتِه إلَّا وهو قائمٌ، أو ماشٍ، ولا يبيعُ، ولا يشتري، وإنْ دخَل سقفًا بطَلَ اعتكافُه.


(١) ينظر الموطأ برواية يحيى الليثي ١/ ٤٢٦ (٨٨٦ - ٨٨٩)، وبرواية أبي مصعب الزهري ١/ ٣٣٨ (٨٨٠ - ٨٨٢)، وما نقله المصنِّف إنما هو برواية ابن وهب عن مالك كما في مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٥١.
(٢) في ف ٢، ج، م: "ولا يقوم لناكح فيهنيه"، والمثبت من الأصل.
(٣) ينظر: المدوّنة ١/ ٢٩٣، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٥١.
(٤) ينظر: بداية المجتهد لابن رشد ٢/ ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>