للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يقلْ أحدٌ في حديثِ عائشةَ هذا: السُّنَّة. إلَّا عبدَ الرحمنِ بنَ إسحاقَ، ولا يصِحُّ هذا الكلامُ كلُّه عندَهم إلَّا من قولِ الزُّهريِّ في صوم المعتكفِ، ومباشرتِه وسائرِ الحديثِ (١).

والحُجَّةُ لمذهبِ الثَّوريِّ ومَن تابَعه أنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ قال: إذا اعتكفَ الرَّجلُ، فليشهدِ الجمعةَ، وليَعُدِ المريضَ، وليحضُرِ الجِنازةَ، وليأْتِ أهلَه، وليأمُرْهم بالحاجةِ وهو قائمٌ (٢). وأجازَ عليٌّ البيعَ والشَّراءَ للمعتكفِ.

وذكَر الحسنُ الحُلْوانيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ عيسَى، قال: حدَّثنا أبو إسحاقَ الفَزاريُّ، عن أبي إسحاقَ الشَّيبانيِّ (٣)، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، قال: اعتكفْتُ في مسجدِ الحيِّ، فأرسلَ إليَّ عمرُو بنُ حُريثٍ يدعوني، وهو أميرٌ على الكوفةِ،


= عبد الرحمن بن إسحاق: وهو ابن عبد الله بن الحارث بن كنانة المدني، وثقه يحيى بن معين في جملة روايات عنه، وفي رواية قال: صالح الحديث، وفي أخرى: ليس به بأس، وعن أحمد بن حنبل قال: صالح الحديث، وضعّفه بعضهم كما في تهذيب الكمال ١٦/ ٥٢٢ - ٥٢٣. وقال ابن حجر في التقريب (٣٨٠٠): "صدوق رُمي بالقدر".
وقال أبو داود بإثره: "غيرُ عبد الرحمن لا يقول فيه: قالت: السُّنة، قال أبو داود: جعله قول عائشة" وهذا منه أنه من قول مَنْ دون عائشة رضي الله عنها، وأنّ مَن أدرَجَه وهِمَ فيه، كما ذكر البيهقي.
قلنا: ولكن تابع عبد الرحمن بن إسحاق عبدُ الملك بن جريج عند الدارقطني في سننه ٣/ ١٨٧ (٢٣٦٣) في روايته عن ابن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب وعن عروة عنها. وتابعه كذلك الليث بن سعد عند البيهقي ٤/ ٣٢٠ (٨٨٥٥) في رواية عن عُقيل بن خالد عن ابن شهاب الزُّهري عن عروة بن الزُّبير عنها، فذكرا ما ذكره عبد الرحمن من قول عائشة رضي الله عنها.
(١) ينظر في ردِّ هذا القول ما ذكره ابن القيِّم في حاشيته على السنن ٧/ ١٥١، وما ذكرناه في التعليق السابق.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٩٧٢٤) عن أبي الأحوص - سلّام بن سُليم الحنفي - عن عليٍّ رضي الله عنه. وأخرجه ابن حزم في المحلّى ٥/ ١٨٩ من طريق سعيد بن منصور عن أبي الأحوص، به. وإسناده حسن، لأجل عاصم بن ضمرة - وهو السَّلولي الكوفيّ - وثقه عليّ بن المديني، وقال النسائي: لا بأس به، وقال ابن حجر في التقريب (٣٠٦٣): "صدوق"، وينظر: تهذيب الكمال والتعليق عليه ١٣/ ٤٩٧ - ٤٩٨.
(٣) في الأصل: "السبيعي"، خطأ، والمثبت من بقية النسخ، وهو الموافق لما في مصادر التخريج.

<<  <  ج: ص:  >  >>