للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه يومٌ أو يَوْمان، فلم يَطُفْ لعُمْرَتِه حتى رِيءَ هِلالُ شَوَّال، فكان إبراهيمُ يقولُ: هو مُتَمَتِّعٌ، وأحَبُّ إليَّ أن يُهرِيقَ دمًا.

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: إن طاف للعمرةِ ثلاثةَ أشْواطٍ في رمضانَ، وأربعةَ أشْواطٍ في شوالٍ، كان مُتَمَتِّعًا، وإن طاف لها أربعةً في رمضان، وثلاثةً في شوال، لم يكنْ مُتَمَتِّعًا (١).

وقال الشافعيُّ: إذا طاف بالبيتِ في أشهرِ الحجِّ للعمرةِ فهو مُتَمَتِّعٌ إن حجَّ مِن عامِه ذلك، وذلك أنَّ العمرةَ إنَّما تكْمُلُ بالطَّوافِ بالبيتِ، وإنَّما يُنْظَرُ إلى إكْمالها (٢). وقال أبو ثورٍ: إذا دخَل في العمرةِ في غير (٣) أشهرِ الحجِّ، فسواءٌ طاف لها في رمضانَ أو في شوال، لا يكونُ بهذه العمرةِ مُتَمَتِّعًا.

واختَلَفوا في وَقْتِ وُجوبِ الهَدْي على المتمتع؛ فذكر ابنُ وَهْبٍ، عن مالكٍ، أنَّه سُئِل عن المتَمَتِّع بالعمرةِ إلى الحجِّ يموتُ بعدما يُحرِمُ بالحجِّ بعرفةَ أو غيرها، أترَى عليه هَدْيًا؟ قال: مَن مات مِن أولئك قبلَ أن يَرْمِيَ جَمْرَةَ العَقَبةِ، فلا أرى عليه هَدْيًا، ومَن رمَى الجَمْرَةَ ثم مات، فعليه الهَدْيُ. قيل له: فالهَدْيُ مِن رأسِ المالِ أو مِن الثُّلثِ؟ قال: بل مِن رأسِ المالِ.

وقال الشافعيُّ: إذا أحْرَمَ بالحجِّ فقد وجَب عليه دَمُ المتْعَةِ إذا كان واجِدًا لذلك؛ ذكره الزَّعْفَرانيُّ (٤) عنه. وقال عنه الربيعُ (٥): إذا أهَلَّ المتَمَتِّعُ بالحجِّ ثم مات مِن ساعتِه أو بعدُ قبلَ أن يصومَ، ففيها قَوْلانِ:


(١) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٦٨، وبداية المجتهد لابن رشد ٢/ ٩٩.
(٢) ينظر: الأُمّ للشافعي ٢/ ١٥٧، وبداية المجتهد لابن رشد ٢/ ٩٩.
(٣) "غير" سقطت من م، فاختل المعنى.
(٤) هو أبو علي الحسن بن محمد بن الصَّباح الزعفراني، كان مقدمًا في الفقه والحديث، سمع من سفيان بن عيينة وأبي معاوية الضرير وإسماعيل ابن علية وطبقتهم. ينظر سير أعلام النبلاء ١٢/ ٢٦٢.
(٥) هو الربيع بن سليمان المرادي، صاحب الشافعيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>