للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك قال: افْصِلُوا بينَ حجِّكم وعُمْرتِكم، فإنَّه أتمُّ لحجِّ أحَدِكم ولعُمْرتِه أن يَعْتَمِرَ في غيرِ أشهرِ الحجِّ (١).

أخبرنا عبدُ الوارثِ بنُ سفيانَ، قال: حدَّثنا قاسِمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زهير، قال: حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، قال: حدَّثنا صدَقَةُ بنُ موسى، عن مالكِ بن دينار، قال: سألتُ بالحجازِ عطاءَ بنَ أبي ربَاح وطاووسًا والقاسِمَ بنَ محمد وسالم بنَ عبدِ الله، وسألتُ بالبصرةِ الحسنَ وجابِرَ بنَ زيد ومعْبدًا الجُهَنيَّ وأبا المُتوَكِّل الناجِيَّ، كلُّهم أمرَني بمُتْعَةِ الحجِّ (٢).

والوجْهُ الثاني مِن وجُوهِ التَّمَتُّع بالعُمْرَةِ إلى الحجِّ: هو أن يجمَعَ الرجلُ بينَ الحجِّ والعُمْرَة، فيُهِلَّ بهما جميعًا في أشهرِ الحجِّ وغيرها، فيقولُ: لبَّيْك بعُمرةٍ وحَجَّةٍ معًا. فإذا قَدِم مكةَ طاف لحجَّتِه وعُمرتِه طوافًا واحِدًا، وسَعَى سَعْيًا واحِدًا، أو طاف طَوَافَين، وسَعَى سَعْيَين، على مَذْهَب مَن رأى ذلك. وقد ذكرْنا القائِلِين بالقَوْلَين جميعًا، وحُجَّةَ كلِّ فريقٍ منهم، في بابِ ابنِ شهاب، عن عروةَ (٣).

وإنَّما جُعِل القِرَانُ مِن التَّمَتُّع؛ لأنَّ القارِنَ يَتَمَتَّعُ بتَرْكِ النَّصَبِ في السَّفَرِ إلى العُمْرَةِ مَرَّةً وإلى الحجِّ أُخرى، ويَتَمَتَّع بجَمْعِهما، ولم يُحرِمْ لكلِّ واحِدَةٍ مِن مِيقاتِه، وضمَّ العُمرة (٤) إلى الحجِّ، فدخَل تحت قولِ الله عزَّ وجلَّ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦].


(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٦٥ (٩٨٩) عن نافع مولى عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال، فذكره.
(٢) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٥٦/ ٣٩٩ من طريق أحمد بن زهير بن أبي خيثمة، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٣٨٩٣) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن مالك بن دينار بنحوه.
(٣) سلف في الحديث العاشر لابن شهاب عن عروة بن الزُّبير عن عائشة رضي الله عنها.
(٤) قوله: "العمرة" سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>