للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا وجْهٌ مِن التَّمَتُّع لا لِخلافَ بينَ العلماءِ في جَوازِه، وأهلُ المدينةِ لا يُجيزُونَ الجمعَ بينَ الحجِّ والعُمْرَة إلَّا بسِيَاقِ الهدْي، وهو عندَهم بَدَنَةٌ لا يجوزُ دُونَها، وأهلُ العراقِ يختارُونَ البدنةَ ويَسْتَحبُّونَها، وتُجزئُ عندَهم عن القارِنِ شاةٌ. وهو قولُ الشافعيِّ، وقد قال في بعضِ كُتُبِه (١): القارِنُ أخَفُّ حالًا مِن المُتَمَتِّع. فإنْ لم يَجدِ القارِنُ الهَدْيَ، صام ثلاثةَ أيَّام في الحجِّ وسبعةً إذا رجَع إلى بَلَدِه، حُكْمُه في ذلك حُكْمُ المتَمَتِّع بالعمرةِ إلى الحجِّ.

وممَّا يَدُلُّ على أنَّ القِرانَ تَمَتُّعٌ، قولُ ابنِ عمرَ: إنَّما جُعِل القِرانُ لأهلِ الآفاقِ، وتَلا: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (٢) [البقرة: ١٩٦].


(١) في الأُمّ ٢/ ١٤٥، وكذا نقله عنه المُزنيُّ في مختصره ٨/ ١٦٠، والنَّوويُّ في المجموع شرح المهذّب ٧/ ١٩١، وقال النَّوويُّ: "يحتمل أنَّه أراد بهذا الردَّ على الشَّعبيِّ لأنَّ القارِنَ أحرَمَ بالنُّسكَينِ من الميقات بخلاف المُتمتِّع، فإذا كفى المُتمتِّعَ الدَّمُ، فالقارِنُ أولى، ويحتمل أنه ردَّ على طاووس، لأنّ القارن أقَلُّ فِعْلًا من المُتمتِّع، فإذا لزِمَ المتمتِّعَ الدّمُ، فالقارِنُ أوْلى؛ وهذان التأويلان مشهوران ذكرهما القاضي أبو الطيِّب في كتابيه والماوَرْديُّ والمحامليُّ وابنُ الصبّاغ وسائرُ شُرّاح المختصر". وينظر: الحاوي الكبير للماوردي ٤/ ٣٧ - ٣٩.
(٢) المحفوظ أن هذا من قول ابن عبّاس رضي الله عنهما، فقد أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٧٦ عن معمر بن راشد، عن قتادة عنه، رضي الله عنهما.
وأخرجه أيضًا ابن جرير الطبري في تفسيره ٣/ ١١٠ (٣٥٠٥) قال: حدثنا بِشْرٌ، قال: حدَّثنا يزيد، قال: حدَّثنا سعيد، عن قتادة {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} قال قتادة: ذُكر لنا أنّ ابن عباس كان يقول: "يا أهلَ مكّةَ، إنّه لا مُتعةَ لكم، أُحِلَّت لأهل الآفاق وحُرِّمت عليكم، إنّما يقطع أحدُكم واديًا - أو قال -: يجعل بينه وبين الحرم واديًا، ثمَّ يُهِلُّ بعُمرةٍ". وإسناده منقطع، قتادة: وهو ابن دعامة السَّدوسيُّ لم يدرك ابن عباسٍ رضي الله عنهما. بشر: هو ابن معاذ العَقَديّ، ويزيد: هو ابن زُريع، وسعيد: هو ابن أبي عروبة.
وأمّا المرويُّ عن ابن عمر في هذا المعنى، فأخرجه القاسم بن سلّام في الناسخ والمنسوخ، له ص ١٨٣ (٣٤١)، وابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٤٤ (١٨١٠) من طريقين عن عبد المؤمن بن أبي شراعة الأزدي، قال: سمعت ابن عمر وسأله عن امرأةٍ صرورة، أتعتمرُ في حجَّتها؟ قال: نعم. إن الله جعلها رُخصةً لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام. وإسناده صحيح، =

<<  <  ج: ص:  >  >>