للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمَن كان من حاضِرِي المسجدِ الحرام، تَمَتَّعَ أو قَرَن، لم يكنْ عليه دَمُ قِرانٍ ولا تَمَتُّع، ومَن لم يكنْ أهْلُه حاضِرِي المسجِدِ الحرام، وقَرَن أو تَمَتَّع، فعليه دَمٌ.

وكان عبدُ الملكِ بنُ الماجِشُونِ يقولُ: إذا قرَن المكِّيُّ الحجَّ مع العُمرةِ، كان عليه دَمُ القِرانِ؛ مِن أجْلِ أنَّ اللهَ تعالى إنَّما أسْقَط عن أهلِ مكَّةَ الدَّمَ والصِّيامَ، في التَّمَتُّع لا في القِرانِ (١).

وقال مالكٌ: لا أُحِبُّ لمكيٍّ أن يَقْرُنَ بينَ الحجِّ والعُمْرَةِ، وما سمِعتُ أنَّ مكّيًّا قرَن، فإن فعَل لم يكنْ عليه دمٌ ولا صيام (٢). وعلى قولِ مالكٍ جمهورُ الفقهاء في ذلك.

والوَجْهُ الثالثُ مِن التَّمَتُّع: هو الذي تَواعَدَ عليه عمرُ بنُ الخطابِ الناسَ، وقال: مُتْعَتان كانتا على عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا أنْهَى عنهما وأُعاقِبُ عليهما (٣)؛ مُتْعَةُ النِّساء ومُتْعَةُ الحجِّ (٤).


= عبد المؤمن بن أبي شراعة ذكر البخاري في التاريخ الكبير ٦/ ١١١ (١٨٨٢) وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٦/ ٦٥ (٣٤٢) أنه سمع ابن عمر، ونقل الأخير عن يحيى بن معين قوله: عبد المؤمن بن أبي شراعة ثقة.
وقوله: "صرورة" أصله من الصَّرِّ: الحبس والمنع، والمراد به هنا: الذي لم يحُجَّ قطُّ.
وقد أورد ابن عطيّة الأثرين في المحرّر الوجيز ١/ ٢٦٩ وقال: فهذه شِدَّةٌ على أهل مكّة، وجُلُّ الأُمّةِ على جواز العُمرة في أشهر الحجِّ للمكّي ولا دم عليه. وسيذكر المصنّف عن مالك ما يوافق ذلك في الآتي من شرحه.
(١) نقله عن ابن الماجشون ابن قدامة في المغني ٣/ ٤١١ وردّه بقوله: "وليس هذا بصحيح" ثم بين سبب ذلك. وينظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٢/ ٣٩٢.
(٢) ذُكر بعض هذا القول في المدوّنة ١/ ٤٩٢، وينظر: الموطأ ١/ ٤٦٤ (٩٨٥).
(٣) قوله: "وأعاقب عليهما" سقط من م.
(٤) أخرجه بنحو هذا اللفظ أحمد بن المسند ١/ ٤٣٧ (٣٦٩)، ومسلم (١٢١٧) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عن عمر رضي الله عنه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>