للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مالكٌ: وإذا لم يُسرَّحْ كلبُ الدَّارِ مع الماشيةِ، فلا شيءَ على قاتلِه (١).

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: بيعُ الكلابِ جائِزٌ إذا كانت لصيدٍ أو ماشيةٍ، كما يجوزُ بَيْعُ الهِرِّ.

وذكَر محمدُ بنُ الحسنِ، عن أسَدِ بنِ عمرٍو، عن أبي حنيفةَ، فيمَن قتَل كلبًا ليس بكلبِ صيدٍ ولا ماشية، قال: عليه قيمتُه، وكذلك السِّباعُ كلُّها إذا استَأْنْسَت وانتُفِع بها، وكذلك كلُّ ذي مِخلَبٍ مِن الطيرِ (٢).

وقال الشافعيُّ (٣): لا يجوزُ بيعُ الكلابِ كلِّها ولا شيءٍ منها على حالٍ؛ كان لصيدٍ أو لغيرِ صيدٍ، ولا شيءَ على مَن قتَل كلبًا مِن قيمةٍ ولا ثَمَنٍ، سواءٌ كان كلبَ صيدٍ أو ماشيةٍ أو زرعٍ، أو لم يكنْ. وحُجَّتُه نَهيُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمنِ الكلبِ. قال: وما لا ثمَنَ له فلا قيمةَ فيه إذا قُتِل. واحتجَّ بأمرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بقتلِ الكلاب (٤)، وقال: ولو كانتِ الكِلابُ مالًا يَجُوزُ تَمَوُّلُه ومِلْكُه والانتفاعُ به، لم يأمُرْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بقتلِها؛ لأنَّ في ذلك إضاعةَ الأموالِ وتلَفَها، وهذا لا يجُوزُ أن يُضافَ إليه - صلى الله عليه وسلم -.

روَى مالكٌ (٥)، عن نافع، عن ابنِ عمرَ، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمَر بقتلِ الكِلابِ.

وروَى عُبيدُ الله بنُ عمرَ، عن نافع، عن ابنِ عمرَ، قال: أمَر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) ينظر: المدوّنة ١/ ٥٥٢.
(٢) يُنظر ما نُقل عن أبي حنيفة ومحمد بن الحسن الشيباني في مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٩٤، والمغني لابن قدامة ٤/ ١٨٩.
(٣) في الأم ٣/ ١١ - ١٢.
(٤) في م: "بقتلها".
(٥) الموطأ ٢/ ٥٦٢ (٢٧٧٩)، وهو الحديث الرابع والثلاثون لنافع مولى ابن عمر عنه، وسيأتي تمام تخريجه مع مزيد كلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>