للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى أيوبُ (١)، وابنُ عُيينة (٢)، وابنُ جُريج، عن عمرِو بنِ دينار، عن هشام بنِ يحيى، عن أبي هريرةَ، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أفلَس الرجلُ، فوجَد البائعُ سلعتَه بعينِها؛ فهو أحَقُّ بها دونَ الغُرماء".

وحديثُ التفليسِ هذا مِن رواية الحجازيِّينَ والبصريِّينَ حديثٌ صحيحٌ عندَ أهلِ النَّقْلِ ثابِتٌ، وأجمَع فقهاءُ الحجازيِّينَ (٣) وأهلُ الأثرِ على القولِ بجُمْلَتِه، وإن اختَلفوا في أشياءَ مِن فُروعِه. ودفَعَه مِن أهْلِ العراقِ أبو حنيفةَ، وأصحابُه، وسائِرُ الكوفيِّينَ، وردُّوه، وهو ممَّا يُعَدُّ عليهم مِن السُّننِ التي ردُّوها بغيرِ سنَّةٍ صاروا إليها، وأدخَلوا النظرَ حيثُ لا مَدخلَ له فيه، ولا مَدخلَ للنظرِ مع صحيح الأثرِ. وحُجَّتُهم أنَّ السِّلعةَ مالُ المُشتَري، وثمنُها في ذمَّتِه، فغُرماؤُه أحَقُّ بها، كسائِرِ مالِه (٤). وهذا ما لا يَخْفَى على أحَدٍ، لولا أن صاحبَ الشريعةِ - صلى الله عليه وسلم - جعَل لصاحِبِ السِّلْعَةِ إذا وجَدَها بعينِها أخْذَها، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦]. {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنّف ٨/ ٢٦٤ (١٥١٦٢)، وعنه عبد بن حُميد في المنتخب (١٤٣٩)، ومن طريقه ابن الجعد في مسنده (٩٦٦)، وابن حبّان في صحيحه ١١/ ٤١٥ (٥٠٣٨) من طريق أيوب السختياني، به. وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال هشام بن يحيى: وهو ابن العاص بن هشام بن المغيرة المخزوميّ المدنيّ، فقد تفرَّد بالرواية عنه عمرو بن دينار، وذكره ابن حبّان وحده في الثقات كما في تحرير التقريب (٧٣٠٧)، ولكن تابعه على هذا المعنى أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عند البخاري (٢٤٠٢)، وبشير بن نهيك كما في التعليق السابق، فصح متن الحديث.
(٢) أخرجه عنه عبد الرزاق في المصنّف ٨/ ٢٦٤ (١٥١٦٤)، والحميدي في مسنده (١٠٣٥)، وأحمد في المسند ١٢/ ٣٥٢ (٧٣٩٠).
(٣) قوله: "والبصريين حديث صحيح عند أهل النقل ثابت وأجمع فقهاء الحجازيين" سقط من الأصل، قفز نظر.
(٤) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٣٩٧ - ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>