للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا ما روَاه قتادةُ، عن خِلاسِ بنِ عمرٍو، عن عليٍّ، قال: هو فيها أُسوةُ الغُرماءِ إذا وجَدَها بعينِها (١).

وروَى الثوريُّ، عن مُغيرةَ، عن إبراهيمَ، قال: هو والغُرماءُ فيه شَرْعٌ سَواءٌ (٢).

وأحادِيثُ خِلاسٍ عن عليٍّ يُضعِّفُونها، والواجبُ كان على إبراهيمَ النخَعِيِّ الرُّجُوعُ إلى ما عليه الجماعَةُ، فكيفَ أن يُتَّبعَ ويُقلَّدَ؟ واللهُ المستعانُ.

واختلَف مالكٌ والشافعيُّ في المفلسِ يأبَى غُرماؤُه دَفْعَ السِّلعةِ إلى صاحبِها وقد وجَدها بعينِها، ويُريدونَ دَفْعَ الثمنِ إليه مِن قِبَلِ أنْفُسِهم، لما لهم في قبضِ السِّلعةِ مِن الفضلِ؛ فقال مالكٌ: ذلك لهم، وليس لصاحبِ السلعةِ أخْذُها إذا دفَع إليه الغُرماءُ الثمنَ.

وقال الشافعيُّ: ليس للغُرَماءِ في هذا مقالٌ. قال: وإذا لم يكنْ للمُفلسِ ولا لورثتِه أخْذُ السَّلعةِ؛ لأن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جعَل صاحبَها أحَقَّ بها منهم، فالغُرَماءُ أبعَدُ مِن ذلك، وإنَّما الخيارُ لصاحبِ السِّلعةِ؛ إن شاء أخذَها، وإن شاء ترَكها وضرَب معَ الغُرَماءِ بثمنِها. وبهذا قال أبو ثورٍ وأحمدُ بنُ حنبلٍ وجماعَةٌ (٣).

واختلَف مالكٌ والشافعيُّ أيضًا إذا اقتضَى صاحبُ السِّلعةِ مِن ثمنِها شيئًا؛


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنّف ٨/ ٢٦٦ (١٥١٧٠)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٠٤٧٩)، وابن حزم في المحلّى ٨/ ١٧٦ من طريق هشام الدَّستوائيّ، عن قتادة بن دعامة السَّدوسيّ، به.
وخلاسُ بن عمرو: هو الهَجَري البصريّ، ثقة، وكان يرسل كما ذكر الحافظ ابن حجر في التقريب (١٧٧٠)، ولكنهم كانوا يُضعِّفون رواياته عن عليٍّ رضي الله عنه لأنه لم يسمع منه وإنما يحدِّث عن كتاب عن عليّ كما ذكر غير واحد كأحمد بن حنبل وأبي زرعة وأبي حاتم، وعن أبي داود، قال: "كانوا يخشون أن يكون خلاس يُحدِّث عن صحيفة الحارث الأعور".
ينظر في ذلك تفصيل أوسع: تهذيب الكمال والتعليق عليه ٨/ ٣٦٤ - ٣٦٦ (١٧٤٤).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنّف ٨/ ٢٦٦ (١٥١٧١)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٠٤٨٠) و (٢٠٤٨٢)، وإسناده إلى إبراهيم بن يزيد النخعي صحيح. مغيرة: هو ابن مِقْسَم الضَبِّيُّ.
(٣) ينظر: بداية المجتهد لابن رشد ٤/ ٦٩ - ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>