للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: قد ذكرنا في بابِ زيدِ بنِ أسلمَ (١) روايةَ ابنِ وعْلَةَ، وعطَاء، وابنِ أبي الجَعْدِ، عن ابنِ عباسٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "دباغُ الإهابِ طَهُورُه". وذكَرْنا هناك ما رُوِي في هذا البابِ من الآثارِ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وما قاله العلماءُ في ذلك، ووُجُوهَ اختِلافِهم فيما اختلفوا فيه من هذا البابِ، بأبسطِ ما يكونُ من القولِ وأعْظَمِه فائدةً، والحمدُ لله.

وكلُّ ما يجبُ من القولِ في هذا البابِ، فقد مضَى مُمَهَّدًا بما للعلماء (٢) في ذلك من المذاهِبِ في بابِ زيدِ بنِ أسْلَمَ، عن ابنِ وعلَةَ، فلا معنَى لإعادَةِ ذلك هاهنا.

والقولُ الذي قاله النَّيسابُورِيُّ (٣)، عن ابنِ عُيينةَ، من اضطرابِه عن الزُّهريِّ في هذا الحديث، قد قاله غيرُه عن ابنِ شِهابٍ، واضطِرابُ ابنِ شِهابٍ في هذا الحديثِ وفي حديثِ ذي اليَدَيْنِ كثيرٌ جِدًّا، وهذا الحديثُ من غيرِ روايَةِ ابنِ شهابٍ أصَحُّ، وثُبوتُ الدِّباغ في جُلُودِ الميتةِ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من وجُوهٍ كثيرةٍ صحَاح ثابِتة، قد ذكرناها في بابِ زيدِ بنِ أسلمَ من كتابِنا هذا، وبيَّنا الحجَّةَ على من أنكَرَ الدِّبَاغَ بما فيه كِفايَةٌ من جهةِ النَّظَر والأثر، وبالله التوفيقُ.

وفي البابِ قبلَ هذا في قِصَّةِ الفأرَةِ تقَعُ في السَّمْنِ ما يَدْخُلُ في معنَى هذا البابِ، ويُفسِّرُ المنعَ من بيع ما لا يَحِلُّ أكْلُه، ويقْضِي على أنّ المأكُولَ كلَّه من الميتَةِ حَرامٌ، وفي ذلك كشْفُ معنَى قولِه في هذا الحديثِ: "إنما حُرِّمَ أكْلُهَا". ومعْلُومٌ أنَّ العَظْمَ حُكْمُه حُكْمُ اللَّحْم؛ لأنَّه لا يُقْطَعُ ولا يُنْزَعُ من البهيمَةِ وهي حيَّةٌ كما


(١) في الحديث السادس عشر لزيد بن أسلم، وقد تقدَّم.
(٢) في ج، ش ٤: "الفقهاء"، والمثبت من الأصل.
(٣) أي: الذُّهْلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>