للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصْنَعُ بالصُّوفِ، وإنَّما يَحْرُمُ بالموتِ ما حَرُمَ قَطْعُه من الحيِّ، إلا ترَى إلى قولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما قُطِع من حَيٍّ فهو ميتَةٌ (١)؟ وأجمَع العلماءُ على أن جَزَّ الصُّوفِ عن الشاةِ وهي حيَّةٌ حلالٌ، وفي هذا بيَانُ ما ذكَرْنا.

وأمَّا قولُه عليه الصلاةُ والسلامُ: "لا تَنْتفِعُوا من الميْتَةِ بإهابٍ" (٢)، فإن معناه: حتى يُدْبَغَ، بدَليلِ أحادِيثِ الذَباغ، وقد أوضَحنا هذا في بابِ زيدِ بنِ أسلمَ. والحمدُ لله.

ومَن أجاز عَظْمَ الميتَةِ، كالعَاج وشِبْهِه في الأمْشاطِ وغيرِها، زَعَم أن الميتَةَ: ما جرَى فيه الدَّمُ، وليس كذلك العَظْمُ. واحتَجُّوا بقوله في هذا الحديثِ: "إنَّما حُرِّمَ أكْلُها"، وليس العَظْمُ مما يؤكَلُ. قالوا: فكلُّ ما لا يُؤْكَلُ من الميتةِ جائِزٌ الانْتِفاعُ به؛ لقوله: "إنَّما حُرِّم أكْلُها".


(١) أخرجه ابن ماجة في السنن (٣٢١٧) من حديث تميم الدّاري رضي الله عنه، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة ٣/ ٦٣: هذا إسناد ضعيف لضعف أبي بكر الهُذلي، وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري رواه الحاكم، والحاكم أخرجه في المستدرك ٤/ ٢٣٩ وقال: هذا حديثٌ صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهو عنده من حديث زيد بن أسلم، عن عطاء، عن أبي سعيد، وهذا الحديث روي عن عطاء مرسلًا أيضًا، ورجح الدَّارقطني في العلل ١/ ٢٥٩ الرواية المرسلة وقال: والمرسل أشبه بالصواب.
(٢) هذا حديثٌ رواه عبد الله بن عُكيم وأخرجه أحمد في المسند ٣١/ ٧٤ (١٨٧٨٠) من طريق شُعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن عكيم، كما أخرجه أصحاب السنن، فهو عند أبي داود (٤١٢٨)، وابن ماجة في السنن (٣٦١٣)، والترمذي في الجامع (١٧٢٩) والنسائي في المجتبى ٧/ ١٧٥.
وقال الترمذي: وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم. وذكر أنَّ أحمد بن حنبل كان يقول بهذا ثم تركه للاضطراب في إسناده.
والحديث فيه جدل وكلام كثير، ما بين تصحيح وقبول، وتضعيفٍ وردٍّ، فلتنظر في مظانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>