للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو نهارًا بمعنى: ليلًا ونهارًا، فتكونَ "أو" بمعنَى الواو، كما قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤]، أي: آثِمًا وكَفُورًا، واللهُ أعلم.

قال أبو عُمر: لو كان كما ذكَرَ، كان الوقوفُ واجبًا ليلًا ونهارًا، ولم يُغْنِ أحدُهما عن صاحبِه، وهذا لا يقولُه أحد، وقد أجمع المسلمون أنَّ الوقوفَ بعرفةَ ليلًا يُجزئُ عن الوقوفِ بالنهار، إلّا أنَّ فاعلَ ذلك عندَهم إذا لم يكنْ مراهِقًا ولم يكنْ له عُذْرٌ فهو مُسيءٌ ومن أهل العلم مَن رَأى عليه دمًا، ومنهم مَن لم يَرَ عليه شيئًا، وجماعةُ الفقهاءِ يقولون: إنَّ مَن وَقَف بعرفةَ ليلًا أو نهارًا بعدَ زوال الشمسِ من يوم عرفةَ، أنه مُدرِكٌ للحَجِّ، إلّا مالكَ بنَ أنسٍ ومَن قال بقولِه، فإنَّ الفرضَ عندَه الليلُ دونَ النهار، وعندَ سائرِ العلماءِ الليلُ والنهارُ بعدَ الزوال في ذلك سواءٌ في الفرض، إلّا أنَّ السُّنَّةَ أن يَقفَ كما وَقَف رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نهارًا يتَّصلُ له بالليل (١).

ولا خلافَ بينَ أهل العلم أنَّ الوقوفَ بعرفةَ فَرضٌ لا حَجَّ لمَن فاتَه الوقوفُ بها يومَ عرفةَ (٢) كما ذكَرْنا، أو ليلةَ النحر على ما وَصَفْنا، وسنذكُرُ ما يجبُ من القولِ في أحكام الوُقوفِ بعرفةَ والصلاةِ بها في أُولى المواضع من كتابِنا هذا، وذلك حديثُ ابنِ شهاب، عن سالم، في قصَّةِ ابنِ عمرَ مع الحجّاج إنْ شاء الله (٣).

واحتجَّ أيضا مَن لم يَرَ الوقوفَ بالمزدلفةِ فرضًا من غير أصحابنا بأنْ قال: ليس في حديثِ عروةَ بنِ مُضَرِّسٍ دليلٌ على ما ذُكِرَ من وجوبِ الوقوفِ بالمزدلفةِ


(١) انظر: النوادر والزيادات ٢/ ٣٩٥.
(٢) الإجماع لابن المنذر، ص ٥٧ (١٨٧).
(٣) وهو الحديث الذي يلي هذا بحديثين، وهو الحديث الثامن والعشرون لابن شهاب، وهو الخامس من أحاديث ابن شهاب، عن سالم.

<<  <  ج: ص:  >  >>