للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولُ: إن كان الشُّؤْمُ في شيءٍ فهو فيما بينَ اللَّحْيَيْن - يعني: اللسان - وما شيءٌ أحوَجَ إلى سجنٍ طويلٍ من اللسان (١).

قال أبو عُمر: ونقولُ في معنى حديثِ هذا الباب بما نَراه يُوافقُ الصوابَ إنْ شاء الله.

فقولُه عليه السَّلامُ: "لا طِيَرةَ" نَفْيٌ عن التَّشاؤُم (٢) والتَّطيُّرِ بشيءٍ من الأشياء، وهذا القولُ أشبَهُ شيءٍ (٣) بأُصولِ شَريعتِه - صلى الله عليه وسلم - من حديثِ الشُّؤْم.

فإن قال قائل: قد روَى زهيرُ بنُ معاوية، عن عُتبةَ بنِ حُميد، قال: حدَّثني عُبيدُ الله بنُ أبي بكر، أنَّه سَمع أنسًا يقولُ: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طِيَرةَ، والطِّيَرةُ على من تَطيَّرَ، وإن تكنْ في شيءٍ، ففي المرأةِ، والدّارِ، والفَرَسِ" (٤). وقال: هذا يُوجِبُ أنْ تكونَ الطِّيَرةُ في الدّارِ، والمرأةِ، والفَرَسِ، لمن تَطيَّرَ.

قيل له، وبالله التوفيق: لو كان كما ظَنَنْتَ لكان هذا الحديثُ يَنفي بعضُه بعضًا؛ لأنَّ قولَه: "لا طِيَرةَ" نَفْيٌ لها، وقولَه: "والطِّيَرةُ على مَن تَطَيَّرَ" إيجابٌ لها، وهذا محالٌ أنْ يُظَنَّ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مثلُ هذا من النَّفْي والإثباتِ في شيءٍ واحدٍ،


(١) أخرجه معمر في الجامع (١٩٥٢٨) (ضمن مصنَّف عبد الرزاق)، وأخرج ابن أبي الدُّنيا في الصَّمت (٢٣) الشَّطر الأخير منه، وأورده البغوي في شرح السُّنة ١٤/ ٣١٩ دون سند.
(٢) وإلى مثل ذلك ذهب الطَّبري أيضًا في تهذيب الآثار (مسند علي) عقب الانتهاء من حديث رقم (٨٩).
(٣) سقط من م.
(٤) أخرجه الطَّبري في تهذيب الآثار (٥٢) عن العباس بن أبي طالب، عن مالك بن إسماعيل، عن زهير، به، وأبو العباس الأصم في مجلسين من أماليه ص ١٩٧ (٣٩٢ ترقيم المجموع) (١٣ للجزء) وفي جزء فيه حديث الأصم، ص ٢٤٢ (٥٠٨ للمجموع) (١٠٠ للجزء) عن محمد بن علي الوراق، عن مالك بن إسماعيل، عن زهير، به، والطَّحاوي في شرح المعاني ٤/ ٣١٤ عن فهد، عن أبي غسان مالك، عن زهير، به. كما أخرجه ابن حبان في صحيحه (٦١٢٣) عن أحمد بن يحيى بن زهير، عن يوسف بن موسى القطان، عن مالك بن إسماعيل، عن زهير، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>