للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتجُّوا أيضا بما رواهُ عبدُ العزيزِ بن أبي روّاد، عن نافِع، عن مُؤذِّن لعُمرَ يُقالُ لهُ: مَسْرُوحٌ، أذَّن قبلَ (١) الصبح، فأمرهُ عُمرُ أن يَرْجِعَ فيُنادي: ألا إنَّ العبدَ نامَ، ألا إنَّ العبدَ نامَ (٢).

وهذا إسنادٌ غيرُ مُتَّصل؛ لأنَّ نافِعًا لم يَلْقَ عُمرَ.

ولكِنَّ الدَّراوَرْديَّ وحمّاد بن زيدٍ، قد رويا هذا الخبر عن عُبيدِ الله بن عُمرَ، عن نافِع، عن ابن عُمرَ مِثلهُ، إلا أنَّ الدَّراوَرْديَّ قال: يُقالُ لهُ: مسعُودٌ (٣)، وهذا هُو الصَّحيحُ، واللهُ أعلمُ أنَّ عُمرَ قال ذلك لمُؤذِّنِهِ، لا ما ذكر أيُّوبُ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالهُ لبِلال.

وإذا كان حديثُ ابن عُمر، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - صحيحًا، قولَهُ: "إنَّ بلالًا يُؤذِّنُ (٤) بليل"؛ فلا حُجَّةَ في قولِ أحَدٍ مع السُّنَّةِ، ولو لم يَجُزِ الأذانُ قبلَ الفَجْرِ، لنَهَى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بلالًا عن ذلكَ، ونحنُ لا نعلمُ أنَّ عُمرَ قال ما رُوي عنهُ في هذا البابِ، إلّا بخَبرِ واحِد عن واحِد، وكذلك خبرُ ابن عُمر، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فالمصيرُ إلى المُسندِ أولى من طريقِ الحُجَّةِ، واللهُ أعلمُ.


= ولا سلك مسلك المتقنين فيسلك به مسلكهم، بل يجب التنكب عمّا انفرد من الروايات وعما خالف الأثبات" (المجروحين ٣/ ١٩). على أنّ يحيى بن سعيد القطان، وهو من المتشددين في الجرح، قال: "كان وسطًا ولم يكن بذاك"، كما في الجرح والتعديل ٨/ الترجمة (١٨٨٥). ووثقه الإمامان: يحيى بن معين وأحمد بن حنبل، كما في الجرح والتعديل أيضًا. وقال النسائي: "ليس به بأس"، وطالب أبو حاتم الرازي أن يحوَّل من كتاب الضعفاء للبخاري، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب (٦٥٠٨ م): "لا بأس به"، وقال الذهبي في الميزان ٣/ الترجمة (٧٠٩٦): "صدوق"، وهو كما قالا.
(١) هذه الكلمة سقطت من ض، م.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٣٢٢)، وأبو داود (٥٣٣)، والدارقطني في سننه ١/ ٢٤٤ من طرق عن عبد العزيز بن أبي روّاد، به.
(٣) أورده أبو داود بإثر الحديث رقم (٥٣٣).
(٤) في ر ١: "ينادي".

<<  <  ج: ص:  >  >>