للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي أُحِبُّهُ، أن يكون مُؤذِّنٌ آخَرُ بعد الفَجْرِ.

وفيه: اتِّخاذُ مُؤذِّننِ، وإذا جاز اتِّخاذُ اثنينِ منهُم، جازَ أكثرُ، إلّا أن يَمنَعَ منهُ ما يجِبُ التَّسليمُ لهُ.

وفيه: جَوازُ أذانِ الأعْمَى، وذلك عندَ أهلِ العِلم، إذا كانَ مَعهُ مُؤذِّنٌ آخَرُ يَهْديهِ للأوقاتِ.

وفيه: دليلٌ على جَوازِ شهادةِ الأعْمَى على ما اسْتَيقنهُ من الأصواتِ، ألا تَرَى أنَّهُ كانَ إذا قيلَ لهُ: أصْبَحتَ، قَبِلَ ذلك، وشَهِدَ عليه، وعَمِلَ بهِ؟

وابنُ أُمِّ مكتُوم رجُلٌ من قُريشٍ، من بني عامِرِ بن لُؤيّ، اختُلِف في اسمِهِ، وقد ذكرناهُ ونَسبناهُ في كِتابِنا في الصَّحابة (١)، وذكرنا الاختِلافَ في ذلك هُناك.

وفيه دليلٌ على أكلِ السَّحُورِ، وعلى أنَّ اللَّيلَ كلَّهُ موضِعُ الأكلِ، والشُّربِ، والجِماع، لمن شاء، كما قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧]، وفي هذا دليلٌ على أنَّ الخَيْطَ الأبيضَ هو: اتِّضاحُ النَّهارِ.

وفيه دليلٌ (٢) على أنَّ السُّحُورَ لا يكونُ إلّا قبلَ الفَجْر، لقولِهِ: "إنَّ بلالًا يُنادي (٣) بلَيل، فكلوا (٤) ". ثُمَّ منعهُم من ذلك عندَ أذانِ ابن أُمِّ مَكْتُوم.

وهُو إجماعٌ لم يُخالِفْ فيه إلّا الأعمشُ، فشذَّ، ولم يُعرَّجْ على قولِهِ.


(١) الاستيعاب ٣/ ٩٧٩.
(٢) من قوله: "على أن الخيط" إلى هنا سقط من ض، م.
(٣) في ر ١: "يؤذن".
(٤) هذه الكلمة سقطت من ض، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>