للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجمع العُلماءُ، على أنَّ الرُّكُوعَ والسُّجُودَ والقيامَ والجَلْسةَ الأخيرة في الصَّلاةِ، فرضٌ كلُّهُ، وأنَّ من سها عن شيءٍ منهُ وذكرهُ، رجعَ إليه فأتمَّهُ وبنى عليه، ولم يتمادَ وهُو ذاكِرٌ لهُ؛ لأنَّهُ لا يُجبَرُ بسجودِ (١) السَّهوِ.

وبهذا يتبيَّنُ لكَ وُجُوبُ فرضِهِ، والدَّليلُ من القُرآنِ على ذلك، قولُهُ تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] فأمَرَ بالقيام في الصَّلاةِ لمن قدَر عليهِ؛ لأنَّهُ لا تُكلَّفُ نفسٌ إلّا وُسعَها.

ولا خِلافَ بين العُلماءِ: أنَّ من صلَّى جالِسًا فريضةً وهُو قادِرٌ على القيام، أنَّ ذلك لا يُجزئه، وأنَّ القيامَ فرضٌ على كلِّ من قدرَ عليه، وكذلك الرُّكُوعُ والسُّجُودُ، لقولِ الله عزَّ وجلَّ: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧].

ومعلُومٌ أنَّهُ لا يتهيَّأُ رُكُوعٌ ولا سُجُودٌ، إلّا بقيام وجُلُوسٍ، ألا ترى أنَّ أحدًا لا يقدِرُ على السَّجدةِ (٢) الثّانيةِ إلّا بجُلُوسٍ بين السَّجدتينِ؟

والجُلُوسُ بين السَّجدتينِ فرضٌ لا خِلافَ فيه، وكذلك الجَلْسةُ الآخِرةُ عندَ جُمهُورِ العُلماءِ فرضٌ واجِبٌ (٣)، وما أعلمُ أحدًا خالف فيها إلّا بعضَ البصريِّينَ، بحديثٍ ضعيفٍ، انفردَ بهِ من لا حُجَّةَ في نقلِهِ، فكيف بانفِرادِهِ! وسنذكُرُ ذلك إن شاء اللهُ.

وإنَّما اختلفُوا في الجَلْسةِ الوُسطى وحدَها من حَركاتِ البدَنِ كلِّها في الصَّلاةِ، فذهَبَ أصحابُنا وغيرُهُم إلى ما ذكرنا، وحُجَّتُهُم ما وصفنا.


(١) في ض، م: "لا يجبره سجود السهو"، والمثبت من ش ٤.
(٢) في ر ١: "الجلسة".
(٣) زاد هنا في م: "أيضًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>