للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كانَ لي مِلكًا، فنُهيتُ عنهُ، فإنَّما النَّهيُ عنهُ تأدُّبٌ، وندبٌ إلى الفَضْلِ والبِرِّ، وإرْشادٌ إلى ما فيه المَصْلحةُ في الدُّنيا، والفضلُ في الدِّينِ، وما كان لغيري، فنُهيتُ عنهُ، فالنَّهيُ عنهُ نهيُ تحريم وتحظيرٍ، واللّه أعلمُ.

وقد جاءَتِ السُّنَّةُ المُجتمعُ عليها، أنَّ اليمين للأكْلِ والشُّربِ، والشِّمال للاسْتِنجاءِ، ونَهَى رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يُسْتَنجى باليمينِ (١). كما نَهَى أن يُؤكَلَ أو يُشرَبَ بالشِّمالِ.

وما عدا الأكْلَ والشُّرب والاسْتِنجاءَ، فبأيِّ يَدَيهِ فعَلَ الإنسانُ ذلكَ، فلا حرجَ عليه، إلّا أنَّ التَّيامُنَ كان رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّهُ في الأمرِ كلِّهِ، فيَنْبغي للمُؤمنِ أن يُحِبَّ ذلكَ، ويرغَبَ فيهِ، ففي رسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأُسوةُ الحسَنةُ على كلِّ حالٍ.

حَدَّثَنَا عبدُ الرَّحمنِ بن يحيى وأحمد بن فَتْح، قالا (٢): حَدَّثَنَا حمزةُ بن محمدٍ، قال: أخبرنا القاسِمُ بن اللَّيثِ، قال: أخبرنا هشامُ بن عمّارٍ، قال: حَدَّثَنَا هِقلُ بن زيادٍ، قال: حَدَّثَنَا هُشامٌ، عن يحيى بن أبي كَثيرٍ، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا أكَلَ أحدُكُم فليأكُل بيَمينِهِ، وليَشْرَبْ بيمينِهِ، وليأخُذ بيَمينِهِ، وليُعطِ بيمينِهِ، فإنَّ الشَّيطانَ يأكُلُ بشِمالِهِ، ويشرَبُ بشِمالِهِ، ويُعطي بشِمالِهِ، ويأخُذُ بشِمالِهِ" (٣).

وفي هذا الحديثِ دليلٌ على أنَّ الشَّياطينَ يأكُلُونَ ويشربُونَ.


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٣٩/ ١١٢ (٢٣٧٠٨)، ومسلم (٢٦٢)، وابن ماجة (٣١٦)، والترمذي (١٦)، والنسائي في المجتبى ١/ ٤٤، وفي الكبرى ١/ ٨٧ (٤٠)، والدارقطني في سننه ١/ ٨٤ (١٤٦)، والبيهقي في الكبرى ١/ ١١٢، من حديث سلمان.
(٢) في م: "قال".
(٣) أخرجه ابن ماجة (٣٢٦٦)، والطبراني في الأوسط ٨/ ٢٣١ (٨٤٩٠) من طريق هشام الدستوائي، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>