للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشَّيطانُ المقصُودُ إلى ذِكرِهِ في هذا الحديثِ من الجِنِّ، جِنسٌ من أجْناسِهِم، نحو قولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} [الشعراء: ٢١٠، ٢١١] ومِثلُهُ كثيرٌ.

وقد يكونُ الشَّيطانُ من الإنسِ، على طريقِ اتِّساع اللُّغةِ، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: ١١٢]، وإنَّما قيل لهؤلاءِ شياطينُ، لبُعدِهِم من الخيرِ، من قولِ العربِ: نوًى شطُونٌ. أي: بعيدةٌ، قال جريرٌ (١):

أيام يدعُونني الشَّيطان من غَزَلي ... وكُنَّ يَهْوَيْنَني إذ كُنتُ شيطانا

وقال منظُورُ بن رَواحةَ (٢):

فلمّا أتاني ماتقولُ ترقَّصَتْ ... شياطينُ رأسي وانْتَشَيْنَ من الخمرِ

وقال ابنُ ميادةَ (٣):

فلمّا أتاني ما تقولُ مُحارِبٌ ... تَغَنَّت (٤) شياطيني وجُنَّ جُنُونُها

وقال أبو النَّجم (٥):

إنِّي وكلُّ شاعرٍ من البَشَرْ

شَيْطانُهُ أُنثى وشَيْطاني ذَكَرْ

ولا خِلافَ أنَّها لشياطينِ الجِنِّ، أو من الجِنِّ، اسْمٌ لازِمٌ لهم من أسمائهِم للصّالِح منهُم والطّالِح، فأغْنَى ذلكَ عن الإكثارِ، والأسماءُ لا تؤخذُ قياسًا، فإنَّما هي على حِسَبِ (٦) ما عَلَّمها الله آدم - عَلَيْهِ السَّلَامْ - أسماءٌ، عَلاماتٍ للمُسمَّياتِ.


(١) انظر: ديوانه ١/ ١٦٥.
(٢) انظر: ثمار القلوب للثعالبي، ص ٧٢، وأساس البلاغة للزمخشري، ص ٣٢٩.
(٣) انظر: الأغاني ٢/ ٣٠٥، وثمار القلوب للثعالبي، ص ٧٢.
(٤) في م: "بعثت". انظر: مصدري التخريج.
(٥) الرجز في ديوانه، ص ١٩٤، وثمار القلوب للثعالبي، ص ٧١.
(٦) في م: "حساب".

<<  <  ج: ص:  >  >>