للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآيةَ [التوبة: ٧٥]. قال: إنَّما كان شيئًا نَوَوْهُ في أنفُسِهِم، ولم يَتَكَلَّمُوا به، ألم تسمَعْ إلى قولِهِ: {أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (١) [التوبة: ٧٨].

قال: وحَدَّثَنَا مُعتمِرٌ، قال: ركِبتُ البحرَ، فأصابتنا ريحٌ شديدةٌ، فنذَرَ قومٌ معنا نُذُورًا، ونَوَيتُ أنا شيئًا لَمْ أتكلَّم به، فلمّا قَدِمتُ البصرةَ سألتُ أبي (٢) سُليمان التَّيميَّ فقال: يا بُنيَّ فِ (٣) بهِ (٤).

فغيرُ نكيرٍ أن يكونَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضى الاعتِكافَ من أجلِ أنَّهُ كانَ قد نَوَى أن يعملهُ، وإن لَمْ يدخُلْ فيهِ، لأنَّهُ كانَ أوْفَى النّاسِ لربِّهِ بما عاهَدهُ عليه، وأبْدَرهُم إلى طاعتِهِ، فإن كان دخَلَ فيهِ، فالقَضاءُ واجِبٌ عندَ العُلماءِ، لا يختلِفُ في ذلكَ الفُقهاءُ، وإن كان لَمْ يدخُل فيهِ، فالقَضاءُ مُسْتحبٌّ، لمن هذه حالُهُ، عندَ أهلِ العِلم، مندُوبٌ إليه أيضًا، مرغُوبٌ فيهِ.

ومن العُلماءِ من أوجَبَ قَضاءَهُ عليه، من أجلِ أنَّهُ كان عقَدَ عليه نيَّتهُ، والوجهُ عندَنا ما ذكَرْنا.

ومن جعَلَ على المُعتكِفِ قَضاءَ ما قَطَعهُ من اعتِكافِهِ، قاسهُ على الحجِّ التَّطوُّع يَقْطعُهُ صاحِبُهُ عمدًا أو مغلُوبًا.

وسيأتي القولُ في حُكم قَطْع الصَّلاةِ التَّطوُّع، والصِّيام التَّطوُّع، وما للعُلماءِ في ذلكَ من المذاهِبِ، في بابِ مُرسلِ ابن شِهابٍ في هذا الكِتابِ.


(١) أخرجه الطبري في تفسيره ١٤/ ٣٨٠، من طرق سنيد، به.
(٢) في م: "أبا" بلفظ الكنية، خطأ. وسليمان التيمي هو والد المعتمر، انظر ما قبله، والتعليق عليه.
(٣) في م: "فء" خطأ. و"فِ" حرف واحد، أمرًا من وفى، يفي.
(٤) أخرجه الطبري في تفسيره ١٤/ ٣٨٠، من طرق سنيد، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>