للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقدِ احتجَّ بهذا الحديثِ بعضُ من كَرِه للنِّساءِ الاعتِكافَ في المسجِدِ. ذكَرَ الأثرمُ قال: سمِعتُ أحمد بن حَنْبل يُسألُ عن النِّساءِ يَعْتكِفنَ؟ قال: نعَمْ، قدِ اعتكفَ النِّساءُ (١).

واختلف الفُقهاءُ في مكانِ اعتِكافِ النِّساءِ (٢)، فقال مالكٌ: تعتكِفُ المرأةُ في مسجِدِ الجماعةِ. ولا يُعجِبُهُ أن تَعْتكِفَ في مسجِدِ بيتِهَا (٣).

وقال أبو حنيفةَ: لا تَعْتكِفُ المرأةُ إلّا في مسجِدِ بيتِها، ولا تَعْتكِفُ في مَسْجِدِ الجماعةِ (٤).

وقال الثَّوريُّ: اعتِكافُ المرأةِ في بَيْتِها، أفضلُ منهُ في المسجِدِ، لأنَّ صلاتها في بيتِها أفضلُ. وهُو قولُ إبراهيمَ.

وقال الشّافِعيُّ: المرأةُ، والعبدُ، والمُسافِرُ يَعْتكِفُونَ حيثُ شاؤُوا، لأنَّهُ لا جُمعةَ عليهم (٥).

قال منصُورٌ: يعني من المساجِدِ، لأنَّهُ لا اعتِكافَ عِندهُ إلّا في مَسْجِدٍ.

قال أبو عُمرة من حُجَّةِ من أجازَ اعتِكافَ المرأةِ في مَسْجِدِ الجماعةِ، حديثُ ابن عُيينةَ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن عَمْرةَ، عن عائشةَ هذا، لأنَّ فيه: أنَّهُنَّ اسْتَأذنَّهُ في الاعتِكافِ، فأذِنَ لهُنَّ، فضربنَ أخْبِيتَهُنَّ في المسجِدِ، ثُمَّ مَنَعهُنَّ بعدُ لغيرِ المعْنَى الذي أذِنَ لهنَّ من أجلِهِ، واللّه أعلمُ.


(١) انظر: الاستذكار ٣/ ٣٩٨.
(٢) ينظر تفاصيل ذلك في مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٤٨ (٥٣٦).
(٣) المدونة ١/ ٢٩٥، والبيان والتحصيل ٢/ ٣٢٣.
(٤) الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني ٢/ ٧٤، وتحفة الفقهاء ١/ ٣٧٢، وقال: "وروى الحسن عن أبي حنيفة أن للمرأة أن تعتكف في مسجد الجماعة، وإن شاءت اعتكفت في مسجد بيتها، ومسجد بيتها أفضل لها".
(٥) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٤٨، والبيان في مذهب الإمام الشافعي للعمراني ٣/ ٥٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>