للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنَّهُم كانُوا يصُومُونَ أيام التَّشرِيقِ تطوُّعًا (١). وفي أسانِيدِ أخْبارِهِم تلكَ ضعفٌ، وجُمهُورُ العُلماءِ من الفُقهاءِ وأهلِ الحديثِ على كَراهِيةِ ذلك.

ذكر ابنُ عبدِ الحكِمِ (٢) عن مالكٍ، فقال: لا بأسَ بسردِ الصَّوم، إذا أفطرَ يومَ الفِطْرِ، ويومَ النَّحرِ، وأيامَ التَّشرِيقِ، لنَهْي رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عن صِيامِها. وقال في مَوْضِع آخرَ: ولا يتطوَّعُ أحَد بصِيام أيام مِنًى، لنَهْيِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عن صِيام أيام مِنًى (٣).

واختلفُوا في المُتمتِّع إذا لم يجِدِ الهَدْي، ولم يكُن صامَ الثَّلاثةَ الأيام في الحجِّ قبلَ يوم النَّحرِ.

فقال الشّافِعيُّ والكُوفيُّونَ: لا يصُومُ المُتمتَعُّ ولا غَيرُهُ أيام التَّشرِيقِ، ولا يصُومُها أحَد بحالٍ، مُتطوِّعٌ ولا غير مُتطوِّع، وإن صامَها المُتمتِّعُ، لم تُجزِ عنهُ.

وقال المُزنيُّ: وقد كان الشّافِعيُّ قال مرَّةً: إن صامَها المُتمتِّعُ، أجْزَأت عنهُ. ثُمَّ رجعَ عن ذلكَ (٤).

قال أبو عُمر: قولُهُ بالعِراقِ: إنَّ المُتمتِّعَ إن لم يصُم الثَّلاثةَ أيام في الحجِّ، ما بين أن يُهِلَّ بالحجِّ إلى يَوْم عَرَفةَ، صام أيامَ التَّشرِيقِ. وهُو قولُ مالكٍ، والأوزاعِيِّ، وإسحاق.

ورُوِيَ ذلك عن ابن عُمر (٥)، وعائشةَ (٦) وعُرْوةَ، وعُبيدِ بن عُمَيرٍ (٧) والزُّهرِيِّ.


(١) انظر: المحلى ٦/ ٤٥٩.
(٢) في م: "عبد الحكيم". وهو أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم بن أعين المصرى. انظر: تهذيب الكمال ١٥/ ١٩١.
(٣) انظر: الاستذكار ٤/ ٢٣٨.
(٤) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٤١ (٥٢٨).
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٦٩ (١٢٨٢).
(٦) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٦٩ (١٢٨١).
(٧) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة ٣/ ٣٨٥ (١٥١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>