للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَدَنةً، أو يذبحُ بقرةً أو شاةً، وهُو يملِكُها ويُشرِكُهُم فيها، فأمّا أن يَشْترِكَ فيها ناسٌ في نُسُكٍ، أو ضَحيَّةٍ، ويُخرِجَ كلُّ واحِدٍ منهُم حِصَّتَهُ من ثَمنِها، فإنَّ ذلك يُكرَهُ.

وقال اللَّيثُ بن سعدٍ مِثلَهُ في البَقَرِ والإبِلِ.

ومن حُجَّةِ مالكٍ فيما ذهَبَ إليه من ذلكَ: حديثُ ابن شِهاب، عن عَمْرةَ وعُروةَ، عن عائشةَ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نحَرَ عن نِسائهِ بَقَرةً واحِدةً في حَجَّةِ الوداع بَيْنهُنَّ (١). يعني: أنَّهُ تَطوَّعَ بذلكَ عنهُنَّ، والله أعلمُ.

ورَوَى الأوزاعيُّ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هُريرةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثلَهُ (٢).

وأشرَكَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عليًّا في هديهِ عامَ حجَّةِ الوداع، تَطوَّعَ عنهُ بذلك. وقد تقدَّم ذِكرُ حديثِهِ في بابِ جَعْفرِ بن محمدٍ، من كتابِنا هذا، فأغْنَى عن إعادتِهِ هاهُنا.

واحتجَّ لهُ ابنُ خُوَيْزمَنْداد (٣) بإجماعِهِم على أنَّهُ لا يجُوزُ الاشتِراكُ في الكَبْشِ الواحِدِ، قال: وكذلكَ البَدَنةُ والبقرةُ؛ لأنَّهُ دمٌ أُريِقَ بواجِبٍ، وما زادَ منِ احتجَّ بهذا على أن جمعَ بين ما فرَّقتِ السُّنّةُ.

وقال الأَبْهريُّ: الاشتِراكُ في الضَّحايا والهَدايا يُوجِبُ القِسْمةَ بين الشُّركاءِ. قال: والقِسْمةُ بيعٌ من البُيُوع، ولا يجُوزُ أن يُباعَ النُّسُكُ بإجماع، فلذلك (٤) لا يجُوزُ الاشتِراكُ في الضَّحايا والهدايا.

قال أبو عُمر: إجماعُ العُلماءِ على أنَّ بيعَ الهَدْي التَّطوُّع لا يجُوزُ، مع إجازتِهِمُ الاشْتِراكَ فيه، يُبطِلُ ما اعتلَّ به الأبهريُّ، رحِمهُ الله، ويدُلُّك ذلك، على أنَّ هذا ليسَ من بابِ البُيُوع في شيءٍ، وإنَّما هُو من بابِ الصَّدَقةِ بالمُشاع، فكيفَ وقد وردَ


(١) سلف تخريجه في الباب السابق، آخر أحاديث ابن شهاب.
(٢) سلف تخريجه أيضًا في الباب السابق.
(٣) في م: "خوازبنداز" وقد سلف التنبيه عليه مرارًا.
(٤) في ض: "فكذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>