للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحِجَال. ومثلُه قولُه عزَّ وجلَّ: {عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: ٤٧، الصافات: ٤٤]. وهذا الخبرُ إنّما ورَد تَنبيهًا على فضلِ الجهادِ في البحرِ وتَرْغيبًا فيه.

وفي هذا الحديثِ أيضًا: إباحةُ ركوبِ البحرِ في الجهاد، وفيه إباحةُ الجهادِ للنساء، وقد رُوِيَ عن أمِّ عطيّةَ، قالت: كنا نَغْزُو مع رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فنُمَرِّضُ المرضَى، ونُداوي الجَرْحَى، وكان يَرْضَخُ لنا من الغنيمة (١).

واختلَف الفقهاءُ في الإسْهام للنساءِ من الغنيمةِ إذا غَزَوْنَ؛ فقال ابنُ وَهْب: سألتُ مالكًا عن النساء، هل يُحذَيْن من المغانم في الغزو؟ قال: ما عَلِمْتُ ذلك.

وقد أجاز قومٌ من أصحابِنا أن يُرضَخَ للنساءِ ما أمْكَن على ما يَراه الإمامُ. وقال الثوريُّ، وأبو حنيفة، والليثُ، والشافعيُّ، وأصحابُهم (٢): لا يُسْهَمُ لامرأة، ويُرضَخُ لها. وقال الأوزاعي: يُسْهَمُ للنساء. وزعَم أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أسْهَم للنساءِ بخَيبر. قال الأوزاعيُّ: وأخَذ بذلك المسلمون عندَنا (٣).


(١) أخرجه أحمد في المسند ٣٤/ ٣٨٨ (٢٠٧٩٢)، ومسلم (١٨١٢) (١٤٢)، وابن ماجة (٢٨٥٦)، والنسائيّ في الكبرى ٨/ ١٤٥ (٨٨٢٩) من حديث حفصة بنت سيرين، عن أمِّ عطيِّة نُسيبة بنت الحارث رضي اللَّه عنها بنحوه.
(٢) ينظر: الأمّ للشافعي ٧/ ٣٦١، والأوسط لابن المنذر ٦/ ١٨٨، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٤٣١ - ٤٣٢، وبداية المجتهد لابن رشد ٢/ ١٥٥.
(٣) نقله عنه أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم في كتابه الردّ على سير الأوزاعي ص ٣٧، والخطّابي في معالم السنن ٢/ ٣٠٧، وقال: "وأحسبه ذهب إلى هذا الحديث، وإسناده ضعيف" قلنا: الحديث في مسند أحمد ٢١/ ٣٧ (٢٢٣٣٢) و ٤٥/ ٤٢، وسنن أبي داود (٢٧٢٩)، والنسائي في الكبرى ٨/ ١٤٥ (٨٨٢٨)، وابن المنذر في الأوسط ٦/ ١٨٩ (٦٥٧٣) من طريق رافع بن سلمة الأشجعي، عن حشرج بن زياد الأشجعي، عن جدّته أمِّ أبيه، وفيه قولها: "فلمّا فتح اللَّه خيبر أخرج لنا سهامًا كسهام الرِّجال". وإسناده ضعيف لجهالة حشرج بن زياد الأشجعي، فلم يرو عنه غير رافع بن سلمة، ولم يرد إلا عن جدَّته لأبيه أمّ زياد الأشجعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>