للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا إنّما كان من عمرَ وعمرَ (١) رضيَ اللَّه عنهما في التجارةِ وطَلبِ الدنيا، واللَّهُ أعلم، وأمّا في أداءِ فريضةِ الحجِّ فلا، والسُّنَّةُ قد أباحَتْ رُكوبَه للجهادِ في حديثِ إسحاق، عن أنس، وحديثِ غيرِه، وهي الحُجَّةُ وفيها الأُسوَة، فرُكوبُه للحَجِّ أوْلَى قياسًا ونَظَرًا، والحمدُ للَّه.

ولا خلافَ بينَ أهلِ العلم أنَّ البحرَ إذا ارْتَجَّ لم يَجُزْ رُكوبُه لأحدٍ بوجهٍ من الوُجوهِ في حينِ ارْتجاجِه.

ذكر أبو بكر بنُ أبي شيبة، قال (٢): حدَّثنا وكيعٌ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن ليث، عن نافع، عن ابنِ عمر، قال: قال عمرُ: لا يَسألُني اللَّهُ عن جيشٍ رَكِبوا البحرَ أبدًا؛ يعني التغرير.

وفيه التَّحَرِّي في الإتيانِ بألفاظِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد ذهَب إلى هذا جماعةٌ، ورخَّص آخَرون في الإتيانِ بالمعاني، وقد أوضحْنا هذا المعنَى في بابٍ أفرَدْناه له في كتاب "جامع بيان العلم وفضلِه وما يَنبغي في روايتِه وحَملِه" (٣)، وسيأتي من هذا البابِ ذكرٌ في مواضعَ من هذا الكتاب إن شاء اللَّه (٤).

وفيه أنَّ الجهادَ تحتَ رايةِ كلِّ إمام جائزٌ ماضٍ إلى يوم القيامة؛ لأنّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد رأى الآخرينَ مُلُوكًا على الأسِرَّةِ كما رأى الأوَّلينَ، ولا نهايةَ للآخرينَ إلى يوم قيام الساعة، قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ


(١) يعني: ابنَ الخطاب، وابنَ عبد العزيز.
(٢) في المصنَّف (١٩٧٥٧)، وإسناده ضعيف لضعف ليث: وهو ابن أبي سُليم، وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو الثوري.
(٣) جامع بيان العلم وفضله ١/ ٣٣٩ - ٣٥٣.
(٤) في أثناء شرح الحديث الثاني لصفوان بن سُليم، وهو في الموطأ ١/ ٥٥ (٤٥)، وسيأتي الكلام عليه في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>